السبت 2024-12-14 08:38 ص

المتقاعدون العسكريون

09:59 ص

المتقاعدون العسكريون ليسوا مجموعة بل هم تعبير عن مسيرة الدولة الأردنية حيث ينضم إلى هذا العنوان الوطني الاجتماعي كل عام المئات ممن ينهون سنوات خدمتهم، لهذا فالناس ترى المتقاعد جزءاً أصيلاً من المؤسسة العسكرية بروحه الوطنية ومواقفه وفكره، ومن كان أمس ضابطاً كبيراً في عمله يدافع عن الدولة بل عن كل مواطن لا تتوقع أن تراه في أي موقف آخر ولا أن يتحدث إلا بلغته الصادقة الغيورة على البلد ومصالحه.

والمتقاعدون العسكريون ليسوا رقماً وإن كانوا بعشرات الآلاف ويزيدون كل عام، وهم ليسوا حالة سياسية بل هم حالة وطنية، ولهذا لا تستوعبهم أو تمثلهم لجنة أو مجموعة ولا مؤسسة اقتصادية، بل هم جزء من تفاصيل المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولكل منهم رأيه واهتماماته لكن القاسم المشترك بينهم هو رؤيتهم الوطنية وأخلاق الجندية التي تجعلهم دائماً حريصون على أن يعطوا لوطنهم مثلما كانوا أثناء الخدمة العسكرية.
والمتقاعدون يحتاجون بعد تقاعدهم إلى الخدمات التي تمكنهم من العيش بكرامة، وللأمانة فإن رعاية المتقاعدين بعمل مؤسسي كانت محل اهتمام الحسين رحمه الله ومن بعده جلالة الملك عبدالله، فهناك الراتب التقاعدي والمكرمة الملكية للتعليم الجامعي لأبناء المتقاعدين والتأمين الصحي والإسكان العسكري، وكان ظهور المؤسسة الاقتصادية الاجتماعية للمتقاعدين العسكريين خطوة ايجابية لتأمين فرص عمل للمتقاعدين بعد تقاعدهم وإقامة مشاريع خدماتية، وقامت هذه المؤسسة بدور ايجابي لكنها تحتاج إلى تطوير مجالات عملها، وتوسيع نشاطاتها بما يتناسب مع إزدياد أعداد المتقاعدين ومستويات تأهيلهم وخبراتهم، إضافة إلى نوعية الخدمات الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن وصولها إلى أكبر نسبة من المتقاعدين بخدماتها الذين يعتبرون جميعاً أعضاء فيها ويدفعون اشتراكات منتظمة لها.
لكن علينا أن لا ننسى أن هذه المؤسسة عنوان اقتصادي اجتماعي فقط، لكن هناك فئات من المتقاعدين وبخاصة كبار الضباط ممن تولوا مواقع قيادية في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية يحتاجون إلى تعامل تعبر من خلاله الدولة عن تقدير واهتمام، وهذا الأمر نجده دائماً على أجندة جلالة الملك في خطاباته وتوجيهاته للحكومة، وأيضاً في زياراته الودية الى منازل العديد من الضباط المتقاعدين ولقائه مجموعات منهم، إضافة إلى أشكال أخرى من الاهتمام، لكن بعضهم يعتقد أن لديه آراء ووجهات نظر ونصائح للدولة فيها المصلحة ويحب أن تصل لأصحاب القرار، وهنا تبدو الحاجة إلى آليات تواصل إما من خلال الديوان الملكي أو القيادة العامة أو أي جهة مفوضة بحيث تحقق الغاية سواء كانت التواصل أو الاهتمام وتوفير قناة ذات مكانة للاستماع إلى آراء هذه الفئة الكريمة وتقديمها لصاحب القرار وستتكامل هذه الآلية مع اللقاءات الدائمة لجلالة الملك مع مجموعات من المتقاعدين في بيوتهم ومدنهم وقراهم.
معادلة المتقاعدين مختلفة عن غيرهم فهم من حيث التعليم والخبرات يتمتعون بأعلى المستويات، وهم كأردنيين من حقهم أن يكون لهم آراء وتقييمات لما يجري لكن الشق الثاني من المعادلة وهو الإنتساب للمؤسسة العسكرية يفرض عليهم الانحياز الكامل للعقلانية والموضوعية والوقوف في صف الدولة ومصالحها دون أي تطرف سياسي أو قسوة على الدولة أو مس برموزها، وهذا أيضاً مطلوب من كل أردني لكنه من العسكريين أكثر ضرورة.
وفي الخدمة العسكرية أو الجهاز المدني من الطبيعي أن يتم إحالة شخص على التقاعد وهو يعتقد أنه يستحق أن يبقى، وقد يشعر أحدنا بظلم مسؤول لكن هذا لا يعني موقفاً من الدولة ومصالحها والسعي للبحث عن مواقف حادة، وأحياناً يرى البعض أنه بعد التقاعد يستحق أن يكون في موقع آخر لقدرته على العطاء لكن إذا لم يحدث فليس الخيار الآخر الحدة في تبني مواقف سياسية ربما كان يناهضها قبل ذلك.
المتقاعدون العسكريون مخزون خبرة، وهم حالة وطنية، وبعد تقاعدهم نراهم نواباً وأعياناً ووزراء وفي القطاع الخاص، وهم جزء من المجتمع، واسمهم ليس حالة سياسية، وإن كان من حق أي شخص أن يتبنى مواقف سياسية فهذا ضمن سياق فردي أو ضمن الأحزاب القائمة، لكن هذا الجمع الأردني الكبير يحتاج دائماً إلى كل رعاية وتواصل.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة