السبت 2024-12-14 06:28 ص

المتقاعدون وقيم الوفاء

01:12 ص

حين يكون الحديث عن المؤسسة العسكرية بكل تفاصيلها من جيش وأجهزة أمنية فإن الاهتمام بها كان وما يزال واحداً من أولويات مؤسسة الحكم، بل إن جزءا من اقتصاد الدولة قام على أساس علاقة المواطن بهذه المؤسسة، ولهذا فأجيال كل عشيرة وعائلة وأسرة فيها تتابع في الانتساب لهذه المؤسسة.

وكانت مؤسسة الحكم تتعامل مع منتسبي ومتقاعدي المؤسسة العسكرية بنظرة بعيدة، فيها الوفاء والفخر كمعان معنوية، كما فيها تأمين متطلبات الحياة الكريمة، ولا أتحدث هنا عن دخل شهري بل عن قضايا أساسية في حياة الجندي ورجل الأمن عاملاً ومتقاعداً.
وما يستهلك راتب ودخل أي مواطن قضايا الصحة والتعليم والإسكان إضافة للأمان الوظيفي وفرص زيادة الدخل، ومنذ عشرات السنين كانت الخدمات الطبية الملكية التي كفلت العلاج بكل مستوياته للعاملين والمتقاعدين وعائلاتهم بما في ذلك الوالدان، وعملت هذه المؤسسة منذ عشرات السنين في كل المحافظات فكان أمن العلاج والعمليات وكل الخدمات متوفراً ومجانياً، ولا ينقص من هذه الخدمة نقص دواء في مستشفى، أو اكتظاظ في آخر، أو نقص طبيب في عيادة، فالعبرة بالمسار العام المستمر منذ عشرات السنين وما زال.
أما تعليم الأبناء وتحديداً في الجامعات وكليات المجتمع فإن المكرمة الملكية التي بدأت منذ بداية الثمانينات وفرت لمئات الآلاف من أبناء العاملين والمتقاعدين فرص التعليم الجامعي والمتوسط المجاني، مما أحدث نقلة نوعية حتى في المستوى الاقتصادي للعائلات، لأن من كان على مقاعد الدراسة أصبح طبيباً ومهندساً وأستاذ جامعة ووزيراً ونائباً وعيناً...، ونحن أبناء العسكر نعلم كم غيرت مكرمة الجيش من بنية الاقتصاد والتعليم والفرص لنا.
أما العامل الثالث فهو الإسكان وكان صندوق الإسكان العسكري للضباط والأفراد الذي يعطي لأبناء المؤسسة العسكرية قرضاً بشروط ميسرة يمكنهم من الذهاب نحو بناء بيت، أو شراء شقة، وكان آخر توجيه ملكي قبل أسابيع برفع قيمة إسكان الأفراد من ( 7500 – 10000 ) دينار وهي مبالغ تجعل الإمكانية متاحة لامتلاك بيت، وهناك الكثيرون ممن بنوا بيوتا في قراهم مستعينين بقرض الإسكان العسكري.
وخلال حوالي عشرين عاماً من مشاركة الأردن في القوات الدولية لحفظ السلام توفرت لعشرات الآلاف فرص زيادة الدخل نتيجة هذه المشاركة، وما زالت هذه الفرص متاحة.
وهناك فئة الضباط ممن يحصلون على إعفاء جمركي لشراء سيارات أثناء الخدمة و بعد التقاعد وهذا تكريم وعون حتى يبقى هذا الضابط يعيش بكرامة تليق بشخصه وعمله، فضلاً عن فرص التأهيل والتشغيل لفئات من المتقاعدين في الكثير من المؤسسات الرسمية.
ما سبق استعراض مع القناعة بأن أبناء المؤسسة العسكرية يستحقون أكثر وأكثر، وأن من يعيشون منهم أياماً وأسابيع في الخنادق وفي مناطق الحدود كما هي الحدود الشمالية الساخنة منذ ثلاث سنوات، هؤلاء وأمثالهم لا يمكن مكافآتهم، فمن يضع روحه على كفه لا يمكن مكافآته بأي أمر مادي.
المؤسسة العسكرية عاملين ومتقاعدين محل اهتمام الملك، ولعل توجيه جلالة الملك قبل أكثر من عام باعتبار يوم الخامس عشر من شباط يوم وفاء للمتقاعدين والمحاربين القدامى جزءا من أدوات التعبير عن تلك المكانة، فالوفاء خلق أراد الملك أن تمارسه كل الدولة تجاه من قدموا لكل أردني وساهموا في بناء الدولة.
ولأن العسكرية قيمة وخلق وليست وظيفة فإن المتقاعد مهما كانت رتبته الوظيفية يبقى في نظر الأردنيين عنواناً من عناوين الانتماء والصدق، ولا ينتظرون منهم إلا ما يليق بأشخاصهم وبالمؤسسة التي قدموا من خلالها كل فعل ايجابي.
الوفاء للمتقاعدين والفخر بالعاملين في كل تفاصيل المؤسسة العسكرية ليس عملاً إدارياً لكنه جزء من مكونات العقل والقلب الأردني فتحية لمن قدموا، والشكر غير المنقطع للمرابطين الصادقين.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة