الأحد 2024-12-15 13:57 م

المسؤولية الطبية - وجهة نظر

01:36 م

الوكيل - بداية لا يوجد عاقل يقف ضد المسؤولية الطبية المتوازنة والتي لا تقتل الابداع وتحافظ على حقوق المريض والذي من اجله وجد الطب والطبيب وحقوق الطبيب كصاحب ارقى مهنة انسانية على وجه الارض.


واعتقد ان نقابة الاطباء ووزارة الصحة معنيتان بالدرجة الاولى بقانون عصري حديث ونقابة الاطباء وبكل ثقلها ترغب ان يكون القانون فصلا من فصول قانونها وبالتالي يؤدي الغرض القانوني المطلوب ويساويه بالقيمة القانونية

نعلم جميعا أن الطبيب والدواء هما وسيلة للشفاء والشافي اولا واخيرا من قبل ومن بعد هو الله سبحانه وتعالى، اي ان الطبيب لا يمكن ان يكون ضامن لشفاء المريض، بل المطلوب من الطبيب بذل الجهد والعناية اللازمة وحسب اصول الفن والصنعة وان يقدم للمريض العلاج او الاجراء الطبي حسب المعايير العلمية المعتمدة، هذا هو المطلوب من الطبيب فقط.

ونحن نعلم ان الطب في تطور متسارع وأن الاجهزة الحديثة والمعلومات الطبية المتواترة تجعل الطبيب مرغما على مواكبة العلم وبالتالي اصبح من واجب المؤسسة التي يعمل بها الطبيب ان تؤمن له وسائل الاستمرار في عملية التعليم الطبي المستمر اضافة لجهده الذاتي في هذا المجال ونعلم مدى المعاناة المادية لاطباء وزارة الصحة واحيانا البطالة المقنعة لدى بعض اطباء القطاع الخاص رغم الكفاءة العالية والتي لا علاقة لها بالرزق والدخل .

ولابد وقبل المحاسبة أن يتم تهيأة الظروف المناسبة والبيئة المطلوبة للعمل الطبي فهل يجوز ان يطلب من الطبيب على سبيل المثال لا الحصر معاينة 80 مريض في عيادة اختصاص العظام او 60 الى 70 مريضا في عيادة الغدد الصم والسكري وان اطلب من الطبيب اتباع المعايير العلمية المثالية فالمريض الجديد ( لأول مرة ) يحتاج من 30-60 دقيقة للوقوف على معاناته وسماعه ومن ثم طلب الفحوصات اللازمة إن لزم الامر ووضع التشخيص الاولي وتخفيف معاناته ثم وضع التشخيص النهائي وتأكيد ذلك التشخيص من خلال التشخيص التفريقي، اي يجب ان يعاين اختصاصي العظام يوميا، وعلى سبيل المثال مالا يزيد عن 20 مريضا ليأخذ المريض حقه بالكامل ويحمي الطبيب نفسه حتى لا يحدث الخطأ.

هل الطبيب ضامن التعويض في حال المضاعفة الطبية المعروفة والمرصودة والمسجلة علميا او التطور الطبيعي للمرض، بالطبع لا يجوز أن يكون ضامنا ولكن الطبيب يجب ان يكون ضامنا في حال الخطأ نتيجة الجهل والاهمال وعدم تقدير الموقف السليم رغم وجود بيئة صحية وظروف مناسبة للعمل الطبي.

وهل يجوز ان يبتز الطبيب او ان يصبح سلعة مناسبة لبعض شركات التأمين نتيجة لعمله الفني، فالتأمين على الأخطاء الطبية مكلف جدا، وفي حال اقرار قانون مسؤولية طبية دون ايجاد سقف للتعويض وجهة ضامنة للتعويض، اي ان كل مؤسسة تضمن الاطباء العاملين فيها وتؤمنهم وبالطريقة المناسبة , ونحن نعي ما يجري في الولايات المتحدة الامريكية حيث هناك تجربة سيئة تحدث عنها رئيس الولايات المتحدة في خطابه عن حالة الاتحاد في احدى السنوات، فهل يجوز اقتباس تجربة فشلت في بلدها وقذلت الابداع ورفعت التكلفة العلاجية بشكل لا يطاق، هل ستقبل الدولة رفع الكلفة العلاجية ليتمكن الطبيب من تسديد اقساط التأمين للتعويض، وكذلك من يقبل باجراء العمليات عالية الخطورة في مثل هكذا ظروف، فإن لم يشعر الطبيب بأمان فلن يستطيع الابداع واجراء العمليات التي تشكل خطورة عالية.

واقول نحن نعرف الظروف الموجودة في بلدنا وتعرف ماذا يوفر للطبيب في الرويشد مثلا لا حصرا وماذا يوفر للطبيب في المراكز النائية من ظروف معيشية وطبية، ثم يقال اخطأ الطبيب، لا يوجد خطأ طبي مقصود بداية ولكن يوجد اخطاء طبية ضمن الحدود المتعارف عليها ناتجة عن حادث طبي او تسرع او عدم وجود خبرة كافية ومن حق المريض ان يحصل على الرعاية المطلوبة كما من حق الطبيب الحصول على الحماية اللازمة، من يحمي الطبيب عندما يتم ايقافه ثم يثبت عدم وجود خطأ ومن يعوضه عن ذلك فسجن يوم للطبيب مظلوما يعني قتل للانسانية وللبشرية جمعاء، لذلك يجب ان نكون حذرين.

ولابد من التأكيد انه وبعد عشرات السنين من عضويتي في مجلس نقابة الاطباء ان المحاباة مرفوضة مطلقا بل الخوف ان يجرم الطبيب زميله وان يحاسبه ويطلب منه اعلى المعايير رغم عدم توفر البيئة المناسبة وللعلم الاطباء يتشددون مع بعضهم اكثر من تشدد القضاء مع الاطباء في اغلب الاحيان , وعندما نقول المسؤولية الطبية يجب ان تكون في قانون النقابة لأننا نتحدث عن الطبيب وحارس المهنة وصاحب الولاية عليها هي النقابة وبالتالي فهي مؤتمنة على المواطن والطبيب في نفس الوقت ولا اخال الحكومة اكثر خوفا وحرصا على المواطن من النقابة، اليس النقابة جزء من هذا الوطن وافراد الشعب هم اخوة واباء وابناء واخوات وامهات واقارب لهذا الطبيب او ذاك، لذلك تحاول النقابة ان تكون المسؤولية الطبية في اطار قانونها لا من خلال تقليد ما يجري هنا وهناك، فمثلا يتم الحديث عن لجنة مركزية من مختلف المؤسسات لدراسة الشكاوي وتحديد الخطأ الطبي من خلال لجان فنية طبية، اليس ممكنا ان تكون اللجنة في اطار قانون النقابة.

اذا كان لابد من ضامن للخطأ الطبي اليس من الأولى ان تضمن وزارة الصحة الأطباء العاملين فيها وكذلك الخدمات الطبية الملكية والجامعات الاردنية والنقابة تقوم بعمل صندوق اختياري تكاملي لهذه الغاية.

وقبل ان اختم لقد حضرت معظم الندوات واللقاءات الرسمية وغيرالرسمية لاخراج قانون المسؤولية وتم التوافق على مسودة مشروع قانون مسؤولية طبية وبعد هذا التوافق جاء احد الوزراء ونسف هذا التوافق لانه لا يتفق وهواه ووجهة نظره وكان الاجدر ان يتم وضع ما اتفق عليه في قانون النقابة او قوانين النقابات كل على حدة وتحت فصل المسؤولية الطبية في قانون نقابة الاطباء يحمي الطبيب ويمنع توقيفه قبل ثبوت الخطأ بقرار قطعي من القضاء او يحمي المواطن ويعطيه حقوقه الكاملة ولا يقارن بين حق الطبيب وحق المواطن بل هناك علاقة وطيدة وواضحة وهنا اقول لأخي محمد فليأتوا بالمشروع الذي تم التوافق عليه وان يوضع في باب المسؤولية الطبية في قانون النقابة ولينتهي الامر غدا وكذلك لا بد من اعداد دليل متكامل للاجراءات الطبية يكون مرجعي لتحديد الخطأ من عدمه واعتقد ان معالي وزير الصحة د علي حياصات حريص على هذا القانون ويجب ان يرى النور بالتوافق وفي الاطار الذي يقبله الجميع.

نحن مع المسؤولية الطبية وليس ضدها بل نقاتل من اجلها لحماية الطبيب والمواطن في نفس الوقت واقول ارحمو الطبيب ولا تقتلوا الابداع في وطني فجسمنا الطبي متطور وجيد ويستحق الاحترام والتقدير وفي كل القطاعات.



والله المستعــــان

رئيس لجنة ضبط المهنة والشكاوي في نقابة الاطباء

د. بــــاســم الكــــســـواني


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة