أحمد المبيضين - رحلة دبلوماسية ناجحة وبأمتياز اجراها جلالة الملك عبد الله بن الحسين استمرت لـــ 288 ساعة ' 12 يوماً ' من السفر المتواصل ما بين روسيا وواشنطن ، لمناقشة العديد من القضايا خاصة الملفين الفلسطيني و السوري ، موقف الأردن منهما .
الزيارة الاولى لموسكو ، ولقاء الملك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وما تخلل اللقاء من بحث للعلاقات بين البلدين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية وتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في ذلك الأزمة السورية ، والتي أرهقت في تداعياتها الشأن الداخلي الاردني الاقتصادي والمعيشي .
تشديد جلالته خلال لقائه ببوتين على أن الحل السياسي في سوريا ، يجب أن يكون ضمن اطار إصلاحي واسع يضمن التعددية والديمقراطية والمصالحة وعودة اللاجئين إلى بلدهم هو الحل الوحيد لانهاء معاناة الشعب السوري وللحفاظ على وحدة أراضيه ، ان التعاون الروسي في هذا الشأن سيساعد في وقف الأعمال العدائية في سوريا، واستئناف المحادثات بين النظام والمعارضة .
ولم يخفى على أحد ومن خلال وسائل الاعلام المختلفة التي نقلت اللقاء الاردني الروسي ، شعور الملك بالقهر على شعبه اثر تحمله لضغوط لم يعتد عليها في سابقه ، ولم يتوقع ان يكون ضحية لها ، والتشديد على بوتين بعدم السماح لأحد ان يزايد على الاردن بشيء في هذا القبيل ، فحديث جلالته لبوتين ان الاردن وحده من تحمل الضغوط الاقتصادية والامنية والمعيشية ، وان الشغل الشاغل للمواطن الاردني هو الامن والامان قبل اي اعتبار آخر .
أما الزيارة الاخرى والتي كانت سريعة ، خلال لقاء الملك بوزيري الدفاع والخارجية البريطاني ، وما تمركز خلال اجتماعه بهما من استعراض للعلاقات بين البلدين ، وأخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية ، وتناول أبرز التحديات التي تواجه المنطقة، والجهود الإقليمية والدولية لمحاربة خطر الإرهاب.
أما الزيارة التي كان لها نصيب الاسد ، فهي الزيارة الملكية الى واشنطن ، والتي من خلالها استطاع جلالة الملك ، كأول زعيم عربي ان يلتقي الادارة الاميركية الجديدة دونالد ترامب منذ تنصيب الأخير في 20 يناير- كانون الثاني الماضي، وتغيير اتجاه البوصلة في عمل الادارة مع بعض الملفات السياسية ' الساخنة 'في المنطقة وعلى رأسها قضية الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة والحديث بحزم عن عقبات نقل السفارة الامريكية الى القدس.
تأكيد جلالة الملك للادارة الامريكية بجميع اركانها على حرص الاردن بالتعاون معها لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي وحل الأزمات الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، هي أولوية بالنسبة للأردن ، ليليه جلالته على التأكيد من جديد على ايجاد حل للازمة السورية وتبعاتها ، وما شكلته من ضغط قوي ، جراء تحمل المملكة وحدها العبء الاقتصادي نيابة عن المجتمع الدولي ، والذي اثر سلباً على موارد واقتصاد الاردن والمواطن .
تحذير ترامب الاخير الذي وجهه لإسرائيل بعد لقاء الملك من المضي قدماً في بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية الجديدة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وانه لن يكون عاملا لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ، ما هو الا دليل واضح على المكانة الكبيرة والاحترام للاردن ولقيادته ، واعتباره ركناً أساسياً من اركان الاستقرار والتأثير في المنطقة ،وما رافق ذلك من تحطيم 'لمرآة الحلم ' عند نتنياهو وشعوره بالغضب ' بحسب صحف اسرائيلية' من تصريحات ترامب ، وخاصة أن حكومته كان محاطة بالامل ان فوز ترامب سيطلق لها الضوء الاخضر لبناء المزيد من المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة .
أما تحذير جلالة الملك ،فأنه جاء واضحاً وصريحاً من اتباع اسرائيل لإجراءاتها الأحادية، واعتداءاتها المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، الامر الذي يهدد فرص ومساعي تحقيق السلام ، وايقاف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين ، لافتاً جلالته ان الحل الوحيد لهذه الازمة هو حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد الذي يقود إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية أولاً وأخيراً .
وبالنظر عن قرب للزيارة الملكية لواشنطن ولقائه بترامب ، نجد ان جلالة الملك قد وضع بصمة جديدة للسياسة الاردنية امام الادارة الأميركية الجديدة ، والتأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، والحاجة الى تكثيف للجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب ومحاربة عصاباته، والعمل بجد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
الحديث عن ملف الارهاب وطرقه وتأثيره على الاردن ، كان من ابرز الملفات الحاسمة التي تناولها جلالته خلال اجتماعه بترامب ، وان التحدي اصبح الاردن وحده ، مشدداً على ضرورة التعزيز للتعاون الدولي في محاربة الإرهاب، وأن المسلمين باتوا هم الضحية الأولى لهذا الشر الفتاك، وما يقوم به الخوارج هو بعيد كل البعد عن الإسلام وتعاليمه .
نتائج ومنجزات ايجابية حظيت بها زيارة جلالة الملك لواشنطن ، ساهمت في وضع النقاط على الحروف من قبل الملك عند الادارة الامريكية الجديدة ، ولما كان لهذه الزيارة من تأثير وتغيير التغير كبير في موقف ترامب من المستوطنات، اضافة الى التزام ترامب للملك باستقرار وأمن وازدهار الأردن'، اضافة الى تأكيد الولايات المتحدة المستمر بتعزيز الأمن والشراكة الاقتصادية مع الأردن.
وكما تحدث المحللون السياسيون لمجريات الزيارة ، فان الجميع قد أثبت ان الانتقاد الأول للاستيطان من قبل الإدارة الامريكية الجديدة، جاء بعيد اجتماع جلالة الملك وترامب بساعات قليلة ، وهذا ان دل ، فانه دال على المكانة الكبيرة لجلالة الملك وأنه من القادة الأكثر احتراما في العالم العربي ، اضافة الى وصايته الشرعية على المقدسات الاسلامية في القدس ، ولما لهذا الاعتبار من تأثير قوي وحاسم في اي قرار امريكي قد يتخذ في هذا الشأن ، وخاصة بنقل السفارة الامريكية الى القدس ، وان هناك عواقباً سترافق هذا النقل ليس في الساحة الفلسطينية وحدها وانما على الساحتين العربية والاسلامية .
المواطن الاردني والواقع الاقتصادي الصعب ، كان اولى الاجندات المطروحة أمام الملك خلال زيارته ، وانه يجب حل جميع الازمات الساسية العالقة في الشرق الاوسط ، لكي يستطيع الاردن ان يخفف شيئاً فشيئاً من تبعات اللاجئين ، ومشاركتهم للمواطن الاردني في موارده المعيشة والاقتصادية ، وهذا ما بدا واضحاً حينما قال جلالته في كلمته بحفل إفطار الدعاء الوطني 2017 في واشنطن ' فقد شهدنا أزمة لاجئين عالمية لم يسبق لها مثيل، ويتحمل بلدي - محدود الإمكانيات - بسببها عبئا هائلا، فالأردن اليوم هو أكبر مضيف للاجئين في العالم، حيث استقبلنا ملايين الهاربين من الخطر، من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، واحتضناهم بكل إمكاناتنا في مجتمعاتنا وقلوبنا وقدمنا لهم الدعم والملاذ الآمن .. وكقائد، يؤلمني جدا أن أرى كم هي صعبة السنوات القليلة الماضية على شعبي. ولكنني أستمد الهداية والسكينة والقوة من القرآن الكريم، إذ يقول تبارك وتعالى: 'فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب'.
الواجب الانساني الممزوج بالروح الاسلامية والعروبية ، والوقوف الى جانب بعضنا البعض بغض النظر عن الدين او الاصل ، لم تغب عن جلالته ، والتأكيد على الاستمرار في العمل الدؤوب من اجل انهاء الصراعات الاقليمية المتعددة ، لانه لم يعد بالامكان قبول الوضع الراهن من العنف والحرمان والخوف ، وان تعاليم الإسلام الحميدة، وباقي الأديان، تأمر بالرحمة والتسامح وتدعونا لحفظ كرامة كل إنسان .
ملفات كثيرة استطاع جلالته مناقشتها ورسم الخطوط الواضحة لخروج الاردن من تبعاتها الشائكة ، وذلك بعد ان بدأت السُبل تضيق على المواطن الاردني ومن كافة الجوانب ، وما رافق ذلك من قرارات امريكية جديدة ، ستشاهم في المدى القريب من ازدياد الوضع سوءاً على الاردن والاردنيين .. تدخل جلالته في الوقت المناسب والحاسم ولقائه بالقوى الدبلوماسية في العالم كان بمثابة الورقة الاخيرة امامهم للتدخل بجد والوقوف الى جانب الاردن في تحمل اعباء اللجوء ومواجهة الارهاب ، ليكون المستفيد في المحصلة النهائية هو المواطن ، الذي ليم يبخل يوماً على اي لاجىء بتقديم كافة اشكال المساعدة سواءً ان كانت مادية او معنوية ، الامر الذي اتجه الى الضرر بالاقتصاد الاردني والذي اثر بالتالي على كافة الاردنيين ، ليتجه الملك من الشرق الى الغرب ومن خلال عمل دؤوب ومتواصل ، ليكون كما كان دوماً ابا الحسين الاب الحاني على كل الاردنيين ، والمنتصر لهم في جميع قضاياهم وهمومهم ، والمناصر لاشقائه العرب في السراء و الضراء .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو