الأحد 2024-12-15 02:56 ص

الملك يلتقي أوباما بواشنطن الشهر المقبل

11:50 م

الوكيل - الدبلوماسية الأردنية تعيش يومها. تمسك بخيوط اللعبة رغم تعقيداتها، وما تزال قادرة على تحقيق الإنجازات. هذا هو الانطباع الذي يخرج به الصحفي من حواره مع وزير الخارجية ناصر جودة، وفريق الدبلوماسيين الأردنيين في السفارة الأردنية بواشنطن، والبعثة الأردنية لدى الأمم المتحدة، والذين اجتمعوا في نيويورك على هامش جلسة مجلس الأمن الخاصة بقضايا الشرق الأوسط، وترأسها الوزير جودة أمس.


تستحوذ تحركات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لإطلاق مفاوضات الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين على اهتمام الجانب الأردني، رغم أن الحدث الطاغي في هذه اللحظة هو مؤتمر 'جنيف2' الذي من المفترض أن يجمع، ولأول مرة، ممثلي النظام السوري والمعارضة وجها لوجه. وبينما كنا نتساءل عما إذا كان أعضاء الوفدين سيتصافحون، وصل نبأ عاجل لوزير الخارجية يفيد بأن المعارضة السورية قررت تعليق مشاركتها في المؤتمر، بعد أن علمت بتوجيه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، دعوة لإيران لحضور المؤتمر.

بداية متعثرة، لكنها غير مفاجئة للدبلوماسية الأردنية التي باتت على قناعة بأن 'جنيف2' عملية طويلة قد تستغرق أشهرا، وأن اللقاء الأول المقرر غدا لن يسفر عن أي نتائج تذكر، لكن مجرد حدوثه يعد إنجازا أوليا يحتاج إلى جهود مضنية ليصل إلى غايته.

لكن جودة الذي وصل نيويورك قادما من الرباط، وغادر إلى جنيف فور انتهاء جلسة مجلس الأمن، يتابع بشيء من الاستغراب السجالات الدائرة في عمان حول 'خطة كيري'، وما يقال عن آثارها الكارثية على فلسطين والأردن. ويتساءل، ومعه كثيرون هنا في نيويورك: أين هى خطة كيري هذه؟ وهل يعقل أن تكون قد وصلت نسخة منها لأحزاب في المعارضة الأردنية قبل كل الأطراف في المنطقة؟!

يوضح جودة هنا مسألة تختلط على الكثيرين؛ ما يسعى إليه كيري هو إطار للتفاوض، وليس اتفاقية إطار. وثمة افتراض خاطىء، من وجهة نظر جودة، هو أن كيري يحمل حلاً لكل قضايا الوضع النهائي، بينما هو في الواقع سيقدم أفكارا تكون بمثابة إطار لمفاوضات بين الطرفين، ولن تخرج في جوهرها عما كان معروضا من أفكار في جولات المفاوضات الطويلة.

ويلخص دبلوماسي أردني يتابع الملف عن كثب، ذلك بالقول: 'لا توجد مقترحات جديدة لتسوية قضايا الحل النهائي خارج دائرة ما كان مقترحا خلال سنوات المفاوضات العشرين الماضية'. الجديد، من وجهة نظر الدبلوماسي، هو أن المفاوضات هذه المرة تبحث عن قرارات.

وفي هذا الصدد، قال جودة كلاما لم يقله من قبل عن الاتصالات الدبلوماسية الحثيثة للوزير كيري: 'نعم، نحن بصورة الأفكار التي يتداولها كيري مع جميع الأطراف في المنطقة، ونتشاور بشأنها مع الجانب الفلسطيني والأطراف الأخرى صاحبة المصلحة'.

كان جودة يرد في كلامه على من يعتقد أن الإدارة الأميركية، ومن خلفها إسرائيل، ستفرض على الجانبين الأردني والفلسطيني حلاً لا يأخذ بمصالحهما.

'نحن نملك القدرة والإرادة لقول 'لا' لأي مقترحات لا تلبي مصالحنا الوطنية، ولا تستجيب لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وتضمن حلاً لقضية اللاجئين وفق القرار الدولي 194 ومبادرة السلام العربية'؛ يقول جودة بثقة ظاهرة بالنفس، وبنبرة تحدي.

يستبعد وزير الخارجية سيناريو 'الصفقة من وراء ظهر الأردن' أو على حسابه، ويؤكد أن خطوط الاتصال مفتوحة مع القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس الذي لا يخفي شيئا عن الأردن. لكن، وبمناسبة هذه الاتهامات، يسأل جودة منتقديه من المسؤولين السابقين: أين كنتم عندما وُقع اتفاق أوسلو من خلف ظهوركم؟

ويتحدى جودة منتقدي السياسة الخارجية الأردنية، إن كان أحدهم يستطيع أن يضع يده على تبدل واحد في مواقف الأردن وثوابته تجاه القضية الفلسطينية؛ 'الرواية الأردنية لمجريات المفاوضات لم تتغير أبدا. ولسنا مستعدين للمساومة على المصالح الوطنية العليا، مهما كانت الظروف' يؤكد جودة.

لكن، وعلى ما يبدو، فإن وزير الخارجية الأميركي هو الآخر ممتعض من التسريبات المغلوطة في الصحافة الإسرائيلية، عن تحركاته الدبلوماسية. وقال دبلوماسي أجنبي التقته 'الغد' في نيويورك، إن كيري، وفي الاجتماع المغلق مع وزراء خارجية عرب في باريس الأسبوع الماضي، عبر عن غضبه الشديد من هذه التسريبات. وأكد للوزراء أنها غير صحيحة على الإطلاق، وأنه ما يزال في مرحلة بلورة الأفكار قبل عرضها على الطرفين بشكل نهائي، هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل.

وحول زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة لعمان، وما تردد عن طلبه من الأردن الاعتراف بيهودية إسرائيل، يقول جودة إن ذلك لم يطرح أبدا، ولن يطرح علينا؛ 'هذا أمر يخصها، لكن بشرط واحد لن يتنازل عنه العرب ولا الفلسطينيون: دولة فلسطينية كاملة السيادة على أرضها، وحقوق كاملة وغير منقوصة لغير اليهود في إسرائيل'.

الجدل سيستمر حول عملية السلام في الشرق الأوسط، كما كان منذ سنوات. لكن ثمة ملف آخر يخص الأردن، حسم الجدل بشأنه في واشنطن، وهو ملف المساعدات الأميركية السنوية للأردن؛ 'أخيرا وقع الرئيس باراك أوباما على الاتفاقية بصيغتها النهائية'، حسب قول السفيرة الأردنية في واشنطن د. علياء بوران.

بموجب الاتفاقية، ستقدم الولايات المتحدة للأردن مليار دولار العام الحالي، وبزيادة ملحوظة عن السنوات الماضية.

استغرق التوصل لهذه الاتفاقية ساعات طويلة من الاجتماعات والمناقشات والاتصالات مع المشرعين الأميركيين والمسؤولين في البيت الأبيض. ملف الاتفاقية يضم نحو 1500 صفحة، وتكاد السفيرة بوران تحفظه عن ظهر قلب، من كثرة ما راجعته وفريقها الدبلوماسي مع الجانب الأميركي.

تشعر بوران بالارتياح الكبير لهذا الإنجاز، وتشير إلى بنود فيه تسمح للأردن بالحصول على مساعدات إضافية السنة المقبلة.

لكن الأهم من وجهة نظر بوران، أن الاتفاقية تعكس مدى الثقة بالأردن وما أنجز من إصلاحات جعلته ركيزة للاستقرار في المنطقة. وتقول في هذا الصدد: 'من كان يدعم الأردن من المشرعين الأميركيين، يشعرون اليوم أن موقفهم أقوى، وأن رهانهم كان في محله'.

ورغم صعوبة المفاوضات مع الكونغرس، تقر بوران أن طريق التوصل للاتفاق كانت معبدة بالكامل، بفضل الحضور الكبير للملك عبدالله الثاني في أوساط النخبة السياسية في واشنطن، والثقة المطلقة بقدرته وصحة خياراته حيال مجمل قضايا المنطقة.

وقد أكد مصدر رفيع المستوى لـ'الغد' أن الملك عبدالله الثاني يستعد لزيارة واشنطن الشهر المقبل. في زيارته السنوية لواشنطن، يلتقي الملك الرئيس الأميركي وأركان إدارته، ويُمضي ساعات طويلة في الكونغرس مع كبار المشرعين وصانعي السياسة هناك. الزيارة هذه المرة ستكتسب أهمية خاصة، لتزامنها مع الخطة المفترض أن يعلنها كيري لاستئناف مفاوضات السلام؛ ومع بدء الحوار بين النظام السوري والمعارضة للتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة السورية.

لكن المساعدات وحدها لا تكفي للقول إننا تجاوزنا الظروف الصعبة. هذا على الأقل من وجهة نظر خبيرة أجنبية مرموقة، في مؤسسة دولية معنية ببرامج الإصلاح الاقتصادي في الأردن. إذ تعتقد أن إجراءات الحكومة الأردنية للحد من العجز وتخفيض الدعم، ربما تؤدي إلى نتائج سياسية واجتماعية وخيمة، إذا لم تبادر الحكومة، على الفور، إلى وضع برنامج متكامل للحماية الاجتماعية، يُنصف الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود.

الأولويات في العاصمة واشنطن حيال ملفات الشرق الأوسط مختلفة عنها في المنطقة، ولا تعكس على نحو دقيق حركة دبلوماسييها، وحتى وزير خارجيتها. إيران ما تزال تتصدر اهتمام قادة المجتمع السياسي الأميركي، وهناك تباين واضح في المواقف: اتجاه يدعم بحذر الخيار الدبلوماسي الذي تبنته إدارة أوباما في معالجة الملف النووي الإيراني؛ واتجاه آخر 'جمهوري' يعارض بشدة هذا الخيار، ويضغط لإفشال جهود التوصل لصفقة تاريخية مع إيران.

الملاحظة الثانية التي رصدها دبلوماسيون عرب، هي تراجع الاهتمام نسبيا بالأزمة السورية، خاصة بعد الاتفاق الروسي الأميركي حول الأسلحة الكيماوية في سورية. أما بشأن جهود كيري لتحريك عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط، فإن مستوى الاهتمام لا يتعدى طرح أسئلة عابرة عن فرص النجاح المحتملة.



الغد


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة