السبت 2024-12-14 04:38 ص

الملك يهمس في أذن الحراك

05:51 م

على ضوء اقتراب الذكرى الثانية لميلاد الحراك الشعبي في الأردن ، والذي أطلق صرخته الأولى في مطلع عام 2011 ، تناولت في مقالي السابق 'الحراك يريد ..أن يعرف ما يريد' ، أبرز منجزات الحراك على الأرض ، وأهم يافطاته المنادية بالإصلاح ومحاربة الفساد والكفّ عن مناكفته ومداعبته ، ولملمة مشاكل الفقر والبطالة ، وغيرها من الخطوط العريضة التي أنبرا لسان الشارع بها ، وتناولت في ذات المقال أيضا أهم أسباب النكسة الحراكيّة ، والتي لا تزال الفيضانات الشعبية مفجوعة بها ، والتي تدفقت على قارعت الوطن على طول عامين تقريبا من عمر الحراك ، والتي كان مردّها 'عدم مأسسة الحراك'.

في لقاء لجلالة الملك عبد الله الثاني مع نخبة من الشخصيات الوطنية وأهل الرأي والسياسة في منزل (الصفدي) نائب رئيس الوزراء الأسبق ، تناول جلالته في حديثه الذي جاء على نسق تشاوري وحواري ، الحالة الحراكيّة التي يشهدها الشارع الأردني ، وكأن جلالته كان يبتعد عن نقطة الحياد خطوتين تجاه هذا الحراك ، حينما دعا إلى ضرورة 'مأسسته تحت القبة' وأنه مع الحراك الإيجابي والمسئول .

الملك من خلال هذه الدعوة كان يشير بسبابته إلى الوجهة الطريق الضائع والملاذ الأمن الذي لا بد أن يسلكه الحراك ، ليحقق الأهداف والمساعي التي نشدها على قارعة سنتين من الزحف الشعبي ، المطالبة بالإصلاح وكسر سيقان الفساد والدعوات الملحّة لتطويق 'لوكيميا' الفقر والبطالة ، 'فهل الحراك من الإشارة يفهم؟'.

الحراك 'المؤطّر' في أيّة دولة لا يساعد الحكومات على التغيير فحسب ، بل يزجّها زجّا إليه ، ويدفعها إلى التعاطي معه بكل جدية ، من خلال جملة من الإصلاحات الملموسة على الأرض ، لنصبح أمام 'حكومة حراك' تبرز فيها الشراكة الحقيقية بين الإرادة الشعبية و أصحاب الختم في الحكومة ، لتحقيق الوصايا التي يهتف بها الشارع ، مما يجعل من الحراك ناجعا ومنتجا ، وفي ذات الوقت يوفر على الدولة الخسائر التي تتكلّفها دون مبرر ، أثناء محاولاتها لتطويق مثل هذه الحراكات ، والتي تجرّ مغرما للخزينة ، دون أن تجلب مغنما لجيوب المواطن مثقوبة الرُقع .

شدّد جلالته في ذات السياق على أهمية التواصل مع الحراك الشعبي ، ليصبح قوى سياسية مؤثرة في الانتخابات المقبلة ، وهنا تتجلّى دعوة جلالته إلى 'مأسسة الحراك' ، وتبنّي توجهه سياسيا من قبل القوى السياسية الضاغطة وطويلة الذراع ، القادرة على 'منهجة' هذا التحرّك المتناثر على جنبيّ الوطن ، واحتواءه في قنوات واضحة ومعلنة ، تصبّ في جيب الإصلاح وتخدم الحراك الصحي ، وهنا وفي قراءة لهذه الدعوة الملكية ، نلمح أن القوى السياسية لم تستطع مغازلة هذا الحراك وهو يتمايل في الشارع على مدى عامين ، لا بل ظل الحراك متوجّسا من أن تتزلج هذا القوى على موجته الشعبية ، فينحرف الحراك عن مسيرته الإصلاحية ، وتتحول مطالبات 'منيو الإصلاح الشعبي' إلى مكاسب سياسية تنتزعها هذه القوى من تحت إبط الشارع .

في ظل أزمة الثقة بين تلك القوى السياسية و رجلات الحراك ، وبعيدا عن شدّ الحبل بينهما ، تظل دعوة جلالة الملك مفتوحة 'لمأسسة' العمل الحراكي ، وتطويقه ليكون حراكا شعبيا بنكهة سياسية ، مما يسرّع وتيرة الإصلاح و يرفع من فعاليتها على الأرض ، وذلك من خلال حجز مقعد له تحت قبة البرلمان ، من خلال ممثلين له شعبيا ، أو مرشحين تبنّوا أهدافه وأوجاعه ، وهم كثر ، وذلك تأسيسا لحراك لا يعرقل المسيرة وسط الزحام ، بل يساهم في تنميتها ودفعها نحو شمولية الإصلاح ، وفعالية الأداء الحكومي في التناغم مع صوت الشارع .


بقلم : حمزة عيسى الفقهاء

hamzaalfoqhaa@ymail.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة