الأحد 2024-12-15 17:48 م

انقر (لايك ) وامش

02:06 ص

قد يكون المستقبل لشبكات التواصل الاجتماعي كما يعتقد خبراء الاعلام الحديث, غير ان هذا الاعتقاد لا ينطبق على الاغلبية العظمى من زبائن هذه الشبكات في عالمنا العربي وفي الاردن بشكل خاص , وهذا الاستنتاج قديم قدم هذه البدعة المسماة انترنت وليس خلاصة الملاحظات التي رصدت عما نشر من مواد خلال أزمة المنخفض الجوي الأخير والذي أجبر الجميع تقريبا على معاقرة (الفيس بوك ) و (التويتر ) لتبادل السخرية في موضوعين رئيسيين , تفكك البنية التحتية جراء مياه الامطار والثلوج , وصور المرشحين للانتخابات النيابية , وكثيرا ما ربط المعلقون ورواد النكتة بين الموضوعين على نحو ساخر بقسوة .

المشكلة في مضمون ما ينشر وليس في الكم الهائل من المواد التي في معظمها لا تستحق القراءة او المشاهدة , والمضمون هنا يعبر عن معرفة ووعي بما يحدث من حولنا , كما انه يعبر عن خفة الدم ايضا وهذا هو الجديد الذي ابدع فيه الاردنيون لدرجة تخلصهم الى الابد من شبهة النكد والتكشيرة التي تلازمهم عادة .
اما الكم فدلالة على بذخ ووفرة في استخدامات تكنولوجيا المعلومات حتى في القرى والارياف البعيدة عن العاصمة, فمن هناك يأتي الزخم في نشر الصور والطرائف بل واخبار المجتمع بما في ذلك اعلانات نعي الاموات والمواساة والتعازي .
ويستغرب المراقب وهو يرصد عشرات التعليقات ب ( like ) على خبر وفاة او كارثة , ويفهم من ذلك ان صاحب التعليق على عجلة من أمره او انه لا يملك ما يقوله غير نقرة بسبابته , وهو ما يذكرنا بمعلمي ايام زمان عندما كانوا – ولا ادري اذا ما زالوا – يذيلون اوراق الاختبارات بكلمة (شوهد ) حتى لو لم تحدث المشاهدة الفعلية ,المهم ان لا يترك المعلم فرصة للتوقيع الا ويستغلها .
يثير الانتباه مقال سياسي من النوع الجاد جدا - لنقل عن الازمة السورية - ينشر على شبكة التواصل الاجتماعي , ومن الطبيعي ان تلفت الانتباه تعليقات القراء والمتابعين للتعرف على اراء الجمهور , وتكتشف أن المقالة مهجورة الا من بعض الزيارات العاجلة فلا ترفع عنها أكثر من بصمتين او ثلاث لكلمة (لايك),او انها دمغت بتعليق مجامل ( مقال رائع يا استاذ ), ثم وفجأة وبينما انت تعيد قراءة المقال يفقع بوجهك تعليق يقول ( لن تكون انتخابات نزيهة مع هيك قانون ) ,وعبثا تحاول ان تربط بين الازمة السورية وبين قانون الانتخاب في الاردن ..!
ينشر احدهم صورة لمنسف شهي ثم يدعو رواد الموقع الى غداء الكتروني بكلمة واحدة ايضا (تفضلوا ), ولا يحيرك تفسير المعنى من نشر الصورة او المغزى من وراء اثارة شهية الجمهور, لانه ما من معنى ولا مغزى ابدا ,الفكرة هي ان ننشر اي شيء حتى لو كان من التفاهة بحيث يتكرر في اليوم الواحد مئة مرة , تارة للمنسف وتارات للكباب والفطائر وطناجر المحشي , وفي كثير من الحالات للأرجيلة وتوابعها .
هذا النموذج من المنشورات تحظى باهتمام بالغ وتكون النتائج مئات من التعليقات التي تتفاوت ما بين التغني بالمنسف وتفاصيله الدقيقة من لسان الذبيحة وحتى نثرات اللوز والبقدونس , وكذلك الاشادة بالناشر وعائلته وما عرف عنهم من كرم وعزة وخدمة للوطن جيلا بعد جيل


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة