الأحد 2025-01-19 15:46 م

انهم يتقاتلون .. دعوهم ينفقون

08:41 ص




أمر طبيعي أن تتقاتل الجماعات الإرهابية التكفيرية في سورية فيما بينها، فالإرهابيون دوما بلا أخلاق، والقتلة لا يعرفون إلا لغة الدم والنحر وجز الرؤوس، والظلاميون يرفضون أن يختلف معهم أحد في وجهات النظر أو في تشخيص الموقف، ويستنكرون أن يتقاسموا مع غيرهم غنيمتهم.



هكذا هم القتلة دوما، ففي أفعانستان، نحروا بعضهم بعضا، واقتتلوا حتى شبعت من دمائهم الأرض. هناك وقتذاك كان القتال على حقول المخدرات ومناطق النفوذ، يتكرر المشهد في سورية اليوم، يتقاتلون على حقول الغاز وإمدادات البترول حينا، وعلى أكياس الأموال القادمة إليهم من دول محورية تارة أخرى، ويتقاتلون تارة ثالثة على السبايا والعطايا والنساء، وغيرها من أسباب رجعية، يقنعون بها أنفسهم، فتصبح تلك الأهداف هدفهم الدنيوي، يدافعون عنها ويسيلون الدم لتحقيقها.


في الشام، التي لوثوها بأنفاسهم، وملأوها بمرتزقتهم، ودنسوها بسوء فعلهم، وخربوها بأسلحتهم، ومزقوها بأموال غيرهم، وهجروا أولادها بوحشيتهم، وداسوا ياسمينها بكرههم للآخر، أولئك القتلة بعد أن كسر رمحهم، وخاب أملهم، وظهر كذبهم، وقلعت شوكتهم لم يعد أمامهم إلا أن يقاتلوا بعضهم بعضا، طمعا في نفوذ زائف، فبات 'داعش' الإرهابي يقتل النصرة القاعدية، والعكس صحيح، وجيش الإسلام التكفيري يقاتل جيش الفتح أو جيش الشام الإرهابي، لا يهم من يقتل من، المهم أنهم يموتون ينيران بعضهم البعض، فدعوهم ينفقون، ويريحوا العالم من سواد أفكارهم.


الأمر الواضح والجلي أنه ليس غريبا أن يقتل الإرهاب بعضه بعضا، فهذا حال كل من يرى في الدم والقتل وسيلة حوار، وحال كل من يبيع نفسه لأطماع دول خارجية، فيصبح عبدا لها، يقتل بالقدر الذي يُدفع له، وتصبح عينه على ما دُفع للقاتل الآخر لنهب حصته، فالطمع يا سادة يقتل صاحبه.


قديما قالوا في الأمثال الشعبية 'لم يروهم وهم يسرقون، راوهم وهم يتحاسبون ويقتتلون'، وهذا المثل ينطبق على الجماعات الإرهابية اليوم، والتي قتل منها في قتال واحد بين ما يعرف بـ'ألوية التوحيد، وجبهة النصرة' وكلاهما قاتل، ما يقرب من 100 تكفيري، وهذا الرقم سقط خلال يومين فقط، والحبل على الجرار.


وأيضا وفي الغوطة الشامية، قتل 50 تكفيريا، بحسب ما قالت وسائل إعلام ووكالات أنباء محايدة في اشتباكات مستمرة بين ما يسمى جيش الإسلام من جهة، وتحالف جبهة النصرة، الذي يضم ما يسمى فيلق الرحمن وجيش الفسطاط وجماعات أخرى من جهة ثانية، ليرتفع عدد قتلى الطرفين منذ 17 يوماً إلى ما يقارب 800 قتيل، بالإضافة إلى مئات الجرحى ووقوع المئات من الطرفين في الأسر.


يفسر مراقبون ما يجري بين المرتزقة المتواجدين على الأرض السورية من قتال إلى وجود خلافات عميقة بين ممولي كل طرف من تلك الأطراف، كما يكشف تباين تلك الأطراف واختلافها وانسداد أفقها، ما ينعكس قتالا على الأرض السورية، والضحية الأرض السورية والأبرياء من المدنيين الذين يسقطون جراء ما يفعله أولئك القتلة، كما أن ما يجري يُظهر للعلن ضياع بوصلة تلك الجماعات، وضياع من يمولهم، وصعوبة الوصول إلى هدفهم الذي جاءوا من أجله والمتمثل في تمزيق الأرض السورية وتفتيتها، وجعلها كيانات متناحرة، وإعلان الدولة السورية دولة فاشلة، كما في بعض الدول الأخرى، وتفتيت جيشها وحله، وتحقيق حلم الإرهابي الصهيوني بن غوريون، الذي قال ذات يوم 'عظمة إسرائيل ليست في قنبلتها الذرية ولا ترسانتها المسلحة، ولكنها تكمن في انهيار ثلاث دول، مصر والعراق وسورية'، والجماعات التكفيرية كانت تسير لجعل ما قاله بن غوريون حقيقة واقعة، ولكن نصلهم خاب، وسهمهم حاد ومسعاهم فشل، فدعوهم يقتلون بعضهم بعضا.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة