الأحد 2024-12-15 16:38 م

"بدنا حقنا"

10:18 ص

جمال الدويري



- وأخيرا...خرجت الأفاعي من جحورها, وامتدت أيادي الطغاة للوطن في الأوكازيون الكبير لتصفيته. دون حرج أو وجل أو خجل أو غضاضة خرج الى العلن رفث اللسان والعهر السياسي الذي كنا نسمع عنه في صالونات مغلقة ذات لون وطابع ومنبت واحد والذي طالما حذرنا منه ومن أخطار حَمَلَتِه على الأردن ونسيجه المجتمعي, لا بل أصبح جزء اساسيا للتحالفات البرلمانية وقاعدة رئيسة لمنح الثقة او منعها عن الحكومات ورئيسها المحتمل.



مات الاصلاح, مات الفساد, ماتت الارض, وعاشت الاقليمية البغيضة وعاشت المحاصصة الكريهة وعاش من رفع صرح دعايته البرلمانية بكل رخص الكون القائم على المصالح الشخصية الجهوية لأردنيّ دون آخر ولفئة مواطنية دون غيرها.


مرشحون للسابع عشر رفعوا شعارات لا تقوم على وحدة وطن ومصلحة وطن ولا الخوف على مستقبل وطن, حلبوا ضرعه وجففوا زرعه وامتطوا جنسيته وجواز سفره جسرا للعبور الى الحسابات الدسمة والمصالح والمشاريع والعطاءات, ليس إلا, باتوا يستخدمون بكل صلف, تحت قبة السابع عشر نفس الشعارات واللغو للتهديد والوعيد وحجب الثقة وتسمية الحكومات الأردنية ورسم مستقبل الوطن الأردني كما يعتقدون أن بإمكانهم فعله.


تُجّار ومقاولون ورأسمال مشكوك بمصادره, واسماء لها تاريخ لا ينظفه كل صابون 'نابلس' تعتقد للتو بأنها قد ملكت القول الفصل تحت القبة, وبأنه قد دانت لها رقاب العباد في البلاد, وبأنه لن يتنفس أردني واحد دون رغبتهم ومباركتهم, وقد نسوا عاملا كان من الواجب أن لا يغيب عن بالهم وفكرهم ونواياهم, لعب وسيلعب الدور الأهم في المعادلة والحسم, الا وهو الشعب الأردني.


عندما يعتقد البعض بأن الرقم الوطني والجنسية هو الوطن, وعندما تصبح الوظيفة والمنصب الوزاري هو الوطن والمبتغى, وعندما يستعجل الرماة هبوطهم عن أحد ظنا منهم زورا بأن الأردن قد أصبح ساحة السبايا والغنائم ومتاع الدنيا, فإن هذا البعض المتمثل بالمواطن الردئ والنائب الردئ والموظف العام الردئ, يقترف خطأ تكتيكيا واستراتيجيا جسيما يرقى الى مستوى الجريمة الوطنية بحق نفسه ومجموعته أولا, قبل أن تكون بحق الوطن وشركاءه به.


لقد أحجمت سابقا عن الكتابة بشؤون الانتخابات والبرلمانات والشعارات المريضة , وانتظرت معجزة الهية تعيد للذئاب مسحة إنسانية وللضباع ربما صفة بشرية تغريها ولو من فكر المصلحة الذاتية التي تمنعها من عقر صاحبة الضرع الذي تستفيد منه, ولكن الانتظار على طوله, قد أفضى الى أن تحولت الذئاب والضباع الى أسود ونمور تهدد وتتوعد من العبدلي رجالات الوطن وأهله, لا بل والوطن نفسه بالويل والثبور وعظائم الأمور, إن لم يكونوا هم السادة القابضين على زمام المبادرة وحكم الناس.


ولسان حالهم يقول: بدنا حقنا...والوطن لنا ونحن من يقرر لا سوانا كيف يدار ومن يديره, ويأمرون في النهاية الدولة والوطن:
'لا تسحبوا جنسية, ولا تمنعوا جنسية, وافتحوا الحدود مشاعا لمن نرى نحن أنه أهلا للمواطنة والجنسية, وابصموا على الوطن البديل فإنه قائم ولا حول لكم ولا قوة الا بنا'.

أما الدولة التي قبلت وسمحت أن تقوم الحملات الانتخابية على شعارات الاقليمية البغيضة والمحاصصة المريضة ومحاكاة الأنانية الإنسانية في جغرافيا وطنية معينة وضمن ديموغرافيا أردنية بعينها, فقد خانت الأمانة ولعبت 'كرتها الأخير' ولن تنفعها الأسماء التي تضغط اليوم بنفس الطريقة وبذات الاتجاه .


وليكن بعلم الجميع, أن الأردنيين ما زالوا جمارا تثقب القلوب, وصقورا ليس لها هدفا الا العيون المليئة بالخبث ولعنة الشياطين, وإن زنودهم السمراء لم ولن ترتخي عن سلاحها وايمانها بالله وبأن الوطن الأردني هو الخط الأحمر الوحيد الذي يهبون دونه وله, ومثل القدر دون سابق إنذار أو تحذير.


وبالمناسبة, أشد التحذير للجميع من التمادي بفتح الخاصرة الأردنية الشمالية لتمرير التهجير و من ثم التوطين تمهيدا لتبديل الأوطان على حساب الانسان. وكفاكم جميعا لعبا تحت الطاولة, ولنرمي جميعنا النرد فوق الطاولة بجرأة الرجال ومصارحتهم قبل أن تقع الفاس بالراس, وحبذا لو كان لدى البعض حكمة من يُجبّر قبل الكسر.


ولمن سيخرج بكل وقاحته للتذكير بالحديث النبوي الشريف 'دعوها إنها منتنة' فأقول, ليس أنتن وأسوأ ريحا وسعيا ممن ينفخ في كير المحاصصة والمقاسمة لوطن لم يمت بعد.

جمال الدويري

jamaldwairi2010@hotmail.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة