مر أكثر من شهرين على الانقلاب العسكري في مصر، وها هي خريطة الطريق تمضي إلى غايتها: مزيد من الاضطراب والانقسام في صفوف الشعب بعد تلويث جيشها وعسكرها بدم إخوانهم، وقتل روحهم القتالية وإذلالهم بعد أن أدخل في «سيرتهم» نقطة بل بقعة سوداء ضخمة، تخرجهم من دائرة الوطنية إلى دائرة خذلان الوطن بامتياز، والحنث بيمينهم الذي ينص على أن يكونوا حماة للوطن ولمواطنيهم لا قاتلين لهم!
الانقلاب شوه مصر، وتراثها وحضارتها التي امتدت سبعة آلاف سنة، فلم يسجل تاريخها كله مثل ما حدث ويحدث، من فتح النار بكل «جرأة» على معتصمين سلميين، وكل الإصابات بلا استثناء في الرأس والبطن، والجزء العلوي فقط من الجسم، ما يثبت أن القصد هو القتل لا فض الاعتصام، حتى اليهود لم يفعلوها للأسف، فكيف بجيش مصري ربما يكون هو الوحيد الذي سجل انتصارا مبهرا على العدو الصهيوني؟
الانقلاب يمزق مصر ويقتل أبناءها، ويقتل معهم حلما عربيا بالانعتاق من بساطير الأمن والعسكر (أو هو يحاول ذلك!) فالمواجهة في مصر ليست بين ما يسمى جبهة الإنقاذ وجماعة الإخوان المسلمين، بل هي بين مشروعين كبيرين، مشروع استعباد سلطوي متحالف مع الاستعمار الجديد الذي يحمل لافتة الديمقراطية الكاذبة، وإسرائيل وبرنامجها الأزلي لإنهاك الأمة العربية وقتل الروح القتالية فيها، وبين مشروع انعتاق وحرية وكرامة، يتمرد على عقود من الضياع والاستعباد ومصادرة الحريات، والدوس على رؤوس الأحرار، إنها مواجهة تاريخية بين باطل أحمق ومتنكر لكل قيم الإنسانية، وبين حق مسلح بالإيمان العميق برسالته في أن يكون حرا، ولن يقف في طريقه بعد اليوم لا دكتاتور أعمى، ولا عسكري تربى في احضان امريكا، ورضع من مساعداتها وخبراتها في مص دماء الشعوب وأكل خيرات الأرض وسلب رغيف الخبز من أفواه الجوعى!
خارج النص / بقية
الانقلاب لم يضطهد الإخوان فقط، بل وسع من دكتاتوريته لكل من يعارضه، بل يرى البعض أنه ينفذ بحرفية عالية، برنامج إسرائيل الذي أنشئت من أجله، وهو إنهاك الأمة وإبقائها في حالة تسول دائم، وخذلان كامل، وذل مقيم، وهو يحاول ان يحرق المراحل التي حرص على تنفيذها ولكن بتؤدة وتمهل مبارك والقذافي وسواهما من القتلة الظاهرين والباطنين، ممن نصبوا أنفسهم ولاة أمر، لا يراعون في من تولوا أمرهم إلا ولا ذمة، فخانوا العهد، وحنثوا باليمين، وسلموا مقدرات بلادهم لشهوات السلطة، واجندات اعداء الأمة!
الانقلاب يبني نظاما عسكريا يقوم على الكراهية، ويدمر بلدا كان يضرب فيه المثل بالأمن والآمان، وخفة الدم، ليحوله إلى أمثولة في الدمار والفشل، وملاحقة الرأي الآخر، وقهر الإعلام، وجعله يتكلم لغة واحدة مليئة بالتحريض والحض على العنف ضد أي طرف يعارض الانقلاب، وهو أيضا يعيد بناء بنا ما تهدم من دولة مبارك يحاول ان يتم ما بدأه مبارك، وأسلافه، في استهداف هوية الأمة وثقافتها الحضارية، ولكنني على ثقة ان هذه الموقعة لن تمر بسلام، ولن يهنأ الإنقلابيون لا بحكم مصر، ولا بقتل مشروع الحرية الذي بدأ بكتابته أحرار الأمة بدمائهم، فقد تعلمنا أن من يريق دم شعبه، لا مستقبل له!
الانقلابيون يحاولون ان يقتلوا التحول الديمقراطي الحقيقي لمصر، ولكنهم لن يكسبوا المعركة، والثمن الذي يدفعه أبناء مصر الآن، هو نيابة عن تحرير الأمة كلها من البساطير!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو