أم محمود، من سكان عمّان الشرقية، صدّقت -مثل غيرها من الأردنيات المتزوجات من أجانب- أنّ مشكلتها في طور الحل بالفعل، عبر 'المزايا الخدماتية'. فسارعت، بالرغم من الظروف المالية الصعبة، إلى استخراج بطاقات لأبنائها من دائرة الأحوال المدنية، بما يتيح لهم على الأقل حقّ العمل والإقامة القانونية، والحصول على رخصة قيادة السيارة، والتعليم والتملّك!
تزامن ذلك مع مرض زوجها (مصري الجنسية؛ لا يوجد خوف من الوطن البديل هنا!) الذي يدير مخبزاً منذ قرابة 20 عاماً، فأرادت استخراج تصاريح عمل لأولادها ليحلوا محلّ والدهم. ولكن لتتفاجأ بأنّ الرسوم التي ألغتها الحكومة باليد اليمنى، أخذتها باليد اليسرى، عبر رسوم أخرى بديلة جعلت من كلفة 'تصريح العمل' للأبناء أقل فقط بمائة دينار من الوالد (الابن يدفع قرابة 200 دينار، بينما الوالد يدفع 300 دينار) الذي لم يعد قادراً على القيام بعمله في المخبز، بينما يحتاج أبناؤها إلى تصاريح عمل مثلهم مثل أي وافد يعمل في الأردن، سواء كانت أمه أردنية أم لا!
الحال نفسها، لم تتغيّر، بالنسبة لرخصة قيادة السيارة؛ فالشرط الرئيس للموافقة عليها هو الحصول على تصريح عمل، وهي لا تريد أن تقيد أبناءها بتصريح عمل، حتى لا يصبح ذلك أمراً واقعاً. وحتى في حال استخرجت تصريح العمل، فإن الرخصة سنوية، وتكلّف العائلة قرابة 120 دينارا كل عام!
أم محمود راجعت الدوائر الرسمية والمعنية، ووصلت إلى النتيجة التي وصل إليها أغلب الأردنيين الـ45 ألفا الذين استخرجوا بطاقة أبناء الأردنيات، وهي أنّهم 'شربوا المقلب'، فدفعوا ثمناً كبيراً لهذه البطاقة للحكومة، من دون فوائد حقيقية تذكر!
شخص آخر ابنته متزوجة من 'غير أردني'، وحفيدته تدرس الطب في إحدى الجامعات، كانت تملك سيارة، فباعتها لتشتري سيارة جديدة أكثر تطوراً. إلا أن العائلة تفاجأت بعدم الحصول على موافقة للسيارة الجديدة. وعندما اتصلت شخصياً بمسؤولين ومعنيين، أخبروني أنه لا يحق لها امتلاك سيارة جديدة وفق التعليمات المطبقة، ولم يشفع لها أنّها ابنة أردنية ولا قصة المزايا الخدماتية.
والحديث ذو شجون. فالمرأة الغزية (أمها أردنية) وصلت إلى حدّ اليأس من حلمها بامتلاك شقتها الخاصة. وعجز السادة النواب وعجزنا بالرغم من الاتصال المستمر مع الحكومة، عن تحقيق ذلك الحلم البسيط، أي التملك، بالرغم من أنّ أمها أردنية. ذلك أنّ 'البند غير المعلن' في المزايا الخدماتية هو أنّ حق التملك للشقق لأبناء الأردنيات يبقى منوطاً بمجلس الوزراء، وعليه لم يكن موظفو إدارة الأراضي والمساحة هم المخطئون، بل الحكومة هي التي أخفت هذه القصة ولم نعرف الحقيقة المرّة إلاّ بعد تكرار المحاولات الفاشلة!
النتيجة التي توصلت إليها بعد هذه القصص، وغيرها عشرات ممن يتصل بنا أصحابها ويعربون عن صدمتهم من أن لسان حال الحكومة بما ادّعته من تغييرات حقوقية إنسانية حضارية تعطي حقوقاً مدنية وإنسانية بسيطة لأبناء الأردنيات، هو أشبه بكلمات الأغنية: 'بكذب عليك..'؛ فلا يوجد اختلاف حقيقي جوهري أو نوعي في هذه الحقوق، والأهم من هذا وذاك في نظرة الدولة لهذه الشريحة الاجتماعية الواسعة.
الغريب أنني تحدثت شخصياً قبل أشهر مع رئيس الوزراء عن هذا الأمر تحديداً، وأكد لي بأنّ التعليمات مطبقة. وكما ذكرنا سابقاً، نجحت جهود الدكتور مصطفى حمارنة في الحصول على تعميم من وزير الداخلية للدوائر الرسمية بالعمل بهذه التعليمات، لكن مع ذلك ما تزال المعضلة قائمة والتغييرات طفيفة!
هل المشكلة أنّ هناك استعصاء بيروقراطياً! كما يذهب البعض بالوصف؟ برأيي لا. الجواب باختصار وبساطة: لا يوجد هناك قناعة ولا قرار سياسي حاسم لدى الدولة بشأن هذه الحقوق.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو