الأحد 2024-12-15 20:48 م

بيان جبهة العمل الإسلامي حول مشروع كيري

02:50 م

الوكيل - أصدرت الحركة الاسلامية ممثلة بجماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي اليوم بيانا تاريخيا حول جولات كيري وما يحمله من مخطط لتصفية القضية الفلسطينية واثر ذلك على المنطقة والاردن وفلسطين متضمنا معلومات تفصيلية حول المشروع وموقف الحركة منه والخطوات القادمة تجاهه..


وتالياً نص البيان : -

بيان صادر عن الحركة الإسلامية

( جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي )

يا أهلنا كل أهلنا في أردن الحشد والرباط

يا أحرار أمتنا العربية والإسلامية الماجدة

ها هي المؤامرة الأمريكية الصهيونية تحكم حلقاتها لتصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني، فبعد عقود من التآمر على فلسطين والتنازلات المذلة، جاء جون كيري ليكتب الفصل الأخير لهذه المأساة، مستغلاً الأوضاع الإقليمية والدولية السائدة، ضارباً عرض الحائط بكل القيم الإنسانية والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني والقرارات الدولية.

ومع أن وثيقة التصفية التي خلص إليها المبعوث الأمريكي لم يتم طرحها أمام الرأي العام، إلا أن ما ظهر منها من خلال محادثاته في فلسطين ودول الجوار العربي تؤكد أنه جاء ليسدل الستارة على القضية المقدسة، فالقضايا التي تم بحثها خلال أكثر من عشرين جلسة فضلاً عن الجلسات السرية وعبر عشر جولات مكوكية للراعي الأمريكي تشكل جوهر القضية، وهي القضايا التي جرى تأجيلها منذ مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو باعتبارها أعقد القضايا وأكثرها استعصاء على الحل، فالحديث الآن – وإن صيغ بدهاء – ينصب على مصادرة حق العودة، والاعتراف للصهاينة بدولة يهودية، وضم المستوطنات إليها، وتوحيد القدس تحت السيادة الصهيونية، والسيطرة على المياه والحدود ووادي الأردن، وقبل ذلك تحقيق الأمن الشامل للعدو وفرض هيمنته على المنطقة. وإذا ما تحقق للعدو الصهيوني ذلك فماذا بقي للفلسطينيين؟ وعلى أية أرض ستقوم دولتهم؟ وما تأثير ( يهودية الدولة ) التي يصر عليها نتنياهو ويتبناها كيري على فلسطينيي الداخل؟ الجواب على ذلك عند كيري يتمثل بحل مشكلة اللاجئين بتوطينهم خارج أرضهم، فمن تضيق بهم الأرض التي يعيشون عليها في دول الجوار لهم متسع في كندا واستراليا .

أما القدس أقدس مقدسات المسلمين الى جانب مكة والمدينة فهي وفقاً لترتيبات كيري العاصمة الموحدة للكيان الصهيوني ولا حظ فيها للفلسطينيين والعرب والمسلمين إلا زيارة المقدسات وفق ترتيبات معينة، بينما يتم ربط القطاع والضفة بسكة حديد للقطار السريع تصل بين غزة والخليل، وإذا ما أراد الفلسطينيون إنشاء مطار فمكانه شرقي نهر الأردن على الأرض الأردنية .

فأية دولة هذه ؟ وأي عاقل يقبل بهذا الحل الذي جاء وفق المواصفات الصهيونية ؟

يا أحرار شعبنا الأردني وأمتنا العربية والإسلامية

إذا كانت هذه الخطة لا تفسير لها إلا تصفية القضية الفلسطينية، لصالح الكيان الصهيوني العنصري دونما اكتراث بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني فإنها تعني كذلك كارثة وطنية محققة للأردن، وافتئاتاً على حقوقه القانونية والتاريخية، وتهديد أمنه واستقراره وسيادته، وإلحاق اقتصاده بالاقتصاد الصهيوني ليكون تابعاً له ومحققاً لأهدافه، فالقدس التي هي مهوى أفئدة الأردنيين والتي حظيت بالرعاية الأردنية على الدوام واستشهد على ثراها ومن أجل الدفاع عنها أعز أبناء الأردن ستغدو عاصمة للصهاينة، كما أن تكريس المستوطنات وبقاء جدار العزل حداً فاصلاً بين الكيان الصهيوني والدولة الفلسطينية المقطعة الأوصال، وضم عرب المثلث ووادي عارة إلى الدولة الفلسطينية الوهمية على قاعدة تبادل الأراضي سيعني جولة جديدة من التهجير القسري أو الاضطراري إلى الأردن ما يضاعف مشكلاته المتفاقمة ولاسيما إذا مضت الخطة إلى نهايتها بإقامة كونفدرالية أردنية فلسطينية، كما لا يخفى أن المصالحة النهائية التي تحدثت عنها ما سميت بالمبادرة العربية تحت شعار الانسحاب مقابل السلام ستعني دمج دولة الاحتلال في المنطقة، بكل ما يعني الدمج من هيمنة على الاقتصاد العربي وفي مقدمته الاقتصاد

الأردني، وما هذه المشاريع التي يجري الحديث عنها اليوم من ناقل البحرين، إلى استيراد الغاز المكتشف حديثاً في البحر الأبيض المتوسط، إلى منطقة صناعية مشتركة في الأغوار الشمالية، والتي تصب جميعاً في مصلحة الكيان الصهيوني، إلا مقدمة لهيمنة الكيان الصهيوني على الأردن وجعله معبراً للتمدد في الوطن العربي بعد هيمنته على فلسطين. فهل يسكت الفلسطينيون الذين خاضوا أنبل جهاد، وأشرف مقاومة، في مواجهة الانتداب البريطاني، والاحتلال اليهودي، على ترحيلهم إلى ما وراء البحار، وعلى استلاب وطن قدسه الله، وشرفه الأنبياء، واستوطنه الفلسطينيون والعرب منذ فجر التاريخ، ودفعوا ثمن الحفاظ عليه أزكى الدماء، وأغلى التضحيات؟

وهل يرضى الأردنيون الأحرار بالتنازل عن القدس قبلة المسلمين الأولى، التي جاد على أسوارها أبطال القوات المسلحة والمتطوعون البواسل بأزكى الدماء، وسطروا بجماجمهم أعظم الملاحم؟ وهل يقبلون بجوار كيان قام على الاغتصاب، ولم يخف يوماً أطماعه في الأردن ؟ وهل ينامون على كونفدرالية زائفة مع أشلاء ومزق من فلسطين، تمكن لليهود في الأرض، وتفتح باب هجرة جديدة ؟ وهل يقبل أحرار العرب والمسلمين بالاستسلام لهذا المخطط الصهيوني الأمريكي الذي يقطع عليهم الطريق الى الوحدة والتقدم واستئناف دورهم الحضاري .

إننا في الحركة الإسلامية على ثقة تامة أن الشعب الفلسطيني الذي علم الدنيا كيف ينتصر الحق الأعزل على الباطل المدجج بالسلاح، وأدخل إلى القاموس العسكري الانتفاضات والعمليات الاستشهادية، والمتشبث بوطنه على الرغم من سياسة التطهير العرقي، لن يسمح لهذه المؤامرة القذرة أن تمر. وأن الشعب الأردني التواق للحرية والسيادة، والذي خاض معارك الشرف في اللطرون وباب الواد، وسجل أول انتصار على أرض الكرامة، وصمد في معارك حرب الاستنزاف، لن يسمح لهذا المخطط الإجرامي أن يمر، وأن أحرار الوطن العربي والإسلامي وحرائره المتطلعين الى تحرير ما اغتصب من أرض الأمة وبناء وحدتهم واستعادة مجدهم التليد لن يقبلوا بذلك .

يا أبناء شعبنا وأمتنا

إذا جاز لنا أن تتباين وجهات نظرنا، وتختلف مواقفنا إزاء كثير من القضايا الاجتهادية، فإنه لا يجوز لنا بحال أن نختلف على رفض التنازل عن الأرض المقدسة وعن حق العودة، وعلى رفض توطين اللاجئين خارج ديارهم التي أخرجوا منها، وعلى استنكار التفريط في القدس وضم المستوطنات، وعلى رفض المصالحة النهائية مع العدو وإدماجه في المنطقة، ففلسطين كل فلسطين أرض عربية منذ فجر التاريخ، وعربية إسلامية على مدى خمسة عشر قرناً، وهي قبلة المسلمين الأولى، ومشد رحالهم، ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهي وقف لا يجوز التنازل عن جزء منه بالبيع أو المبادلة. وهذا ما أكدته فتاوى العلماء العاملين المخلصين استناداً الى مبادئ ديننا وثوابت عقيدتنا منذ عام 1935. وإذا كانت قوة العدو العسكرية والعلمية، والدعم غير المحدود الذي يلقاه من وارثة الاستعمار والاستكبار الولايات المتحدة الأمريكية، وحالة الفرقة والتنازع التي يشهدها الوطن العربي اليوم، هي الأسباب التي يتذرع بها المفاوضون والمستسلمون، فإن حقائق القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، ودروس التاريخ قديمه وحديثه، تؤكد أن القوة لا تدوم، وأن الضعف إلى زوال، وأن الاحتلال سيرحل كما رحل كل الغزاة من قبل، و

أن الأمة العربية والإسلامية قادرة بحول الله على النهوض، واستعادة دورها الحضاري، لأنها أمة الخلود .

أيها الأردنيون والفلسطينيون والعرب والمسلمون جميعاً

إن الحركة الإسلامية، انطلاقاً من مرتكزاتها الدينية والوطنية، ومن ثقتها بقدرة الأمة على تجديد ذاتها، وبناء قوتها، تود أن تؤكد على ما يلي :

أولاً : رفض التنازل عن أي جزء من فلسطين باعتبارها أرضاً مقدسة مباركة، ووقفاً لا يجوز لأي كان التفريط بشبر منها، وأن السبيل الوحيد لاستردادها هو الجهاد الصادق، الذي يجمع كل إمكانات الأمة ومقدراتها، لقول الله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الأرض } .

ثانياً : دعوة الشعب الفلسطيني المجاهد الى التصدي لهذه المؤامرة وإفشالها، والى توحيد صفوفه على برنامج وطني نضالي متمسك بالثوابت الوطنية والإسلامية للقضية الفلسطينية، والالتفاف حول المقاومة الوطنية والإسلامية باعتبارها طليعة المشروع الجهادي للأمة الذي سيتوج بالتحرير الكامل لفلسطين إن شاء الله .

ثالثاً : دعوة اللاجئين الفلسطينيين على أرض فلسطين وفي الشتات الى التصدي لمؤامرة مصادرة حقهم بالعودة الى ديارهم التي أخرجوا منها، باعتباره حقاً شرعياً تكفله الشرائع السماوية، والمواثيق والقرارات الدولية، وهو حق ثابت غير قابل للتصرف، ولا يسقط بالتقادم .

رابعاً : دعوة الأردنيين الأحرار على اختلاف مواقعهم الحزبية والنقابية والعشائر الى التصدي لمؤامرة تصفية القضية الفلسطينية، وتهديد السيادة الوطنية الأردنية، وضرب المصالح الوطنية العليا للدولة الأردنية، ومحاولة إلحاقها بالمشروع الصهيوني وجعلها معبراً لاختراق الوطن العربي والإسلامي .

خامساً : مطالبة الحكومة الأردنية بمصارحة الشعب الأردني بحقيقة مشروع جون كيري، والانطلاق من مبادئ الشعب الأردني ومصالحه العليا في مواقفها، وعدم الخضوع للاملاءات الخارجية أو محاولات الاستدراج على حساب أمن الأردن واستقلاله وسيادته .

سادساً : مطالبة الشعوب العربية والإسلامية بادراك مسؤوليتها الشرعية والوطنية والقومية إزاء القضية الفلسطينية المقدسة، باعتبارها قضية فلسطينية عربية وإسلامية وإنسانية، والاضطلاع بمسؤولياتها إزاء الشعب الفلسطيني المجاهد ومقاومته الباسلة، ودعوة الشعوب الى إحكام مقاطعتها للعدو والتصدي لكل أشكال التطبيع معه .

سابعاً : دعوة الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية، والفصائل الفلسطينية، والمؤتمرات العربية والإسلامية، الى إعلان موقفها بوضوح إزاء هذا المخطط الصهيوني الأمريكي الكارثي، فالساكت عن الحق شيطان أخرس. ومطالبتها بتأجيل تناقضاتها، والالتقاء على كلمة سواء للتصدي لهذه المؤامرة .

ثامناً : التأكيد على أن الفساد بكل أشكاله، وفي مقدمته الفساد السياسي، المتمثل بالتفرد بالسلطة، وتغييب دور الشعوب، وتوسيع الاتفاقيات التفريطية المذلة مع العدو، ما مكنه من التوسع، وبناء القوة . وأن بداية الطريق للتحرير والعودة واللحاق بركب الدول المتقدمة هو تحقيق الإصلاح الحقيقي والشامل الذي يعيد السلطة للشعب .

وختاماً فلنتناد جميعاً، ولنجتمع على كلمة سواء، ولنقف صفاً واحداً لإفشال هذا المخطط التصفوي، ولدعم الشعب الفلسطيني في صموده ونضاله العادل، حتى يأذن الله تعالى بتحقيق وعده بتحرير فلسطين، وعودتها إلى هويتها الحقيقية، وصدق الله العظيم القائل { فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً } . فنهاية الكيان الصهيوني العنصري قادمة لا محالة، وما ذلك على الله بعزيز، فإن الأمة التي حررتها من الرومان والصليبيين والمغول قادرة بحول الله على تحريرها من جديد .

{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون }


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة