الأحد 2024-12-15 16:38 م

بين خنساءين!

02:32 ص

الأولى، تماضر بنت عمرو السلمية، خنساء العرب وشاعرتهم، حينما علمت ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قدمت على النبي مع قومها بني سليم فأسلمت معهم. وفي يوم القادسية أبلت بلاء حسنا، بصبرها وثباتها وحسن ايمانها، فقد خرجت في هذه المعركة مع المسلمين في عهد عمر ومعها أبناؤها الأربعة وهم عمرة، عمرو، معاوية ويزيد. وهناك وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت: يا بني لقد أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم.. إلى أن قالت: فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجعلت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة، وعندما دارت المعركة استشهد أولادها الأربعة واحدا بعد واحد، وحينما بلغ الخنساء خبر مقتل أبنائها الأربعة قالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته) ..


أما الثانية فهي مريم فرحات (أم نضال فرحات) ، من حي الشجاعية شرق غزة، قدمت ثلاثة من أبنائها لفلسطين، واشتهرت بلقب «خنساء فلسطين»، بسبب التضحيات الكبيرة التي قدمتها خلال انتفاضة الأقصى وما قبلها، ولدت أم نضال في 1949م لأسرة بسيطة من غزة، ولديها من الإخوة 10 و 5 من الأخوات وتفوقت الحاجة أم نضال في دراستها, وواصلت حتى تزوجت بفتحي فرحات (أبو نضال)، وكان ذلك في بداية الثانوية العامة, وقدمت الامتحانات الثانوية وهي حامل بمولودها الأول، وحصلت على 80% ودرست الثانوية في مدرسة الزهراء، وكانت رحمها الله أرملة وأما لستة أبناء وأربع بنات، جميع أبنائها من كتائب الشهيد عز الدين القسام، استُشهد منهم ثلاثة، نضال ومحمد ورواد، وأم لأسير محرر من السجون الصهيونية، والأم الروحية للشباب المجاهدين، وفي عام 1992م آوت أم نضال في بيتها، المناضل الذي وصفه الصهاينة «بذي الأرواح السبعة»، القائد عماد عقل قائد الجناح العسكري لحركة حماس، واستشهد في منزلها بالرابع والعشرين من نوفمبر لعام 1993، بعد أن تحول إلى جبهة حرب بينه وبين ما يزيد عن مائتي جندي صهيوني قبل اقتحامهم المنزل واستشهاد عماد عقل.

وفي مطلع العام 2002 ظهرت أم نضال فرحات في شريط فيديو وهي تودع نجلها الشهيد محمد لتنفيذ عملية في مغتصبة «عتصمونا»، حيث تمكن من قتل وإصابة عدد من الجنود الصهاينة، واغتالت قوات الاحتلال نجلها البكر نضال في العام 2003، وكان يعد أحد القادة الميدانيين في كتائب القسام، وهو أحد المهندسين الأوائل لصواريخ المقاومة، كما اغتالت طائرات الاحتلال في العام 2005 ابنها الثالث الشهيد رواد بعد قصف سيارته في مدينة غزة، وأفرجت سلطات الاحتلال عن نجلها وسام في العام 2005 بعد أن أنهى محكوميته البالغة 11 عاما، وتفتخر أم نضال أن بيتها شهد ولادة صواريخ القسام، فتقول: أول صاروخ صنع في بيتي، وبيتي قد تحول يوماً ما إلى مصنع لشباب القسام يصنعون فيه الصواريخ والعبوات الناسفة، وأنا كنت أحمد الله على اختيار الشباب لبيتي ليكون كذلك!

بعد استشهاد أبنائها قالت: «لم يسلبني الاحتلال أبنائي بل أنا قدمتهم راضية مختارة للشهادة، هؤلاء الأبناء لم يذهبوا سدى بل عرفوا واجبهم وقاموا بتأدية واجب واصطفاهم الله شهداء»..

رحم الله الخنساءين رحمة واسعة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة