منذ البداية كانت المؤشرات تقول إن البيئة الليبية غير مناسبة لاستقطاب الكفاءات الأردنية، والذين ذهبوا للعمل في ليبيا بعد سقوط القذافي عانوا من ظروف صعبة وبعضهم عاد سريعا جرَّاء المخاطر في ليبيا والفوضى في كل مكان.
الاستثمار السياسي في الدول التي سقطت تحت الثورات استثمار خطير جدا، وعمان الرسمية تريد ان تحفظ مصالح الاردن في ليبيا ما بعد الثورة، وهذا يفسرُّ الاندفاع الكامل لعلاقات ايجابية مع الليبيين، برغم المخاطر الواضحة، على صعيد الاردنيين في ليبيا.
حادثة اختطاف السفير، لم تكن محصورة في شخصه، إذ أن هناك اردنيين تعرضوا لاعتداءات او سرقة حقوق لهم، باعتبار ان المناخ كان مواتيا لاستهداف كل ماهو اردني.
علينا ان نتنبه الى طرفين يستهدفان أي أردني في ليبيا، اولهما الجماعات السياسية والامنية والقبيلة المحسوبة على القذافي باعتبارها تعتقد ان الاردن ساعد بإسقاط القذافي.
ثانيهما الجماعات المقاتلة المتشددة التي تريد الثأر لمقاتلين من ذات الاتجاه، تعرضوا لأي إجراءات على صعيد جبهات مفتوحة مثل سورية والعراق.
تعود عمان وتطلق تحذيرا من تواجد الاردنيين في ليبيا وتحثهم على المغادرة سريعا، وعدد هؤلاء في ليبيا يصل الى عشرة آلاف شخص، ولا أحد يقول لهم الكيفية التي سيغادرون من خلالها، فهذه عملية بحاجة الى جسر جوي، او سفن، لنقل كل تلك الاعداد، اما توجيه النداء وترك الناس ليتدبروا امرهم فهذا غير مناسب؟!.
عندما سقط نظام مبارك تم تأمين الاردنيين بطائرات لنقلهم من القاهرة، لأن عدد الرحلات المتاحة قليل جدا، و وقتها احتشد آلاف الاردنيين في مطار القاهرة من شدة الذعر بانتظار طائرة تنقلهم الى عمان، وتم نقلهم في نهاية المطاف.
في الحالة الليبية لا بد من إجراءات مختلفة، وعلينا ان نتذكر ان بعض هؤلاء قد لا يمتلك تذكرة السفر للعودة، خاصة، اذا بدأت العودة بشكل جماعي، ولحظتها قد لا يأخذون حقوقهم المالية، من جانب مشغليهم في ليبيا، وهذا يعني انهم بحاجة الى مداخلة من نوع آخر.
البيئة الليبية منذ اليوم الاول كانت تقول انها بيئة لن تستقر، بل ربما العمل في العراق أهون مليون مرة، لسبب بسيط، هو أن العراق على الرغم من ظروفه الا انه يبقى آمنا اجتماعيا ويجد المرء بين العراقيين من يحميه، لكونهم يعرفون الاردن والاردنيين، فيما الحالة الليبية مخيفة، فحتى الملاذات الاجتماعية غير متوافرة في بلد بعيد عن الاردن، فوق الجوار البري الذي يعني حلا من حلول العودة.
من البداية كان يتوجب عدم السماح للاردنيين بالذهاب الى ليبيا، والمؤشرات كلها من جموح بنغازي الى الانفصال، الى صراعات السياسيين، مرورا بنزعات القبلية، وانفجار التطرف، وثأر القوى التي خسرت السلطة، مؤشرات كانت تشي ان هذه البيئة لن تستقر، فوق طبيعة الشخصية الليبية، وهي طبيعة مختلفة عن اغلب العالم العربي وقائمة على الغضب والتقلب والحدَّة والجموح الشديد لتعويض سنين القمع، عبر انفلات كامل.
كل ما نريده اليوم، وضع ترتيبات لعودة الاردنيين من ليبيا، فيما توجيه النداء، باعتبار اننا حذَّرنا وكفى الله المؤمنين شرَّ القتال، غير كاف أبدا، وكل الدول في العالم تضع خطط اجلاء في هكذا حالات، وما هو ممكن اليوم، قد يصير مستحيلا بعد قليل اذا انفجر الوضع كليا.
لحظتها قد يصح السؤال حول من يتحمل المسؤولية اذا هلَّت علينا توابيت العائدين لا سمح الله، وعليه فإن تحذير الاردنيين في ليبيا وحثهم على العودة دون خطة اجلاء، يكون تحذيرا منقوصا وغير قابل للتطبيق.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو