الأسوأ من «ركل» الصحافية المجرية لطفلة سورية لاجئة, أو مهاجرة أو هاربة لا فرق, هو أن يظهر «المستقبلون» رجال أمن أو مسؤولون, بأغطيةٍ «كمامات» فوق أنوفهم تحاشياً لاستنشاق ما يعتبرونه روائح كريهة وتحاشياً لانتقال أمراض معدية من هؤلاء الضيوف إليهم وهذا أتضح في هنغاريا أكثر من غيرها مما يدلُّ على أن «فايروسات» العنصرية متفشية في هذا البلد الذي استوطن أهله وسط أوروبا قادمين من مناطق الأورال وكانوا يومها لاجئين مثل هؤلاء الذين يتفننون في إهانتهم والتطاول عليهم.
عندما تعرضت المجر بعد انتفاضة عام 1956, التي جاءت بعد ثلاثة أعوام من وفاة ستالين والتي كانت الشرارة الأولى في الثورة على الاتحاد السوفياتي الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في بدايات تسعينات القرن الماضي, إلى قمع «الرفاق» في الجيش الأحمر هاجر من أهلها إلى النمسا وحدها نحو مليون ونصف المليون ما لبثوا أن تحولوا من مشردين وهاربين ولاجئين إلى مواطنين مع أنهم لا يمتون بأي صلة عرقية لا لمستضيفيهم ولا للشعوب الأوروبية فهم شعب وافد لا صلة قومية له بأيٍّ من هذه الشعوب ولغته لا تربطها أيِّ علاقات أخوة وتقارب مع لغات الأوروبيين ولا مع أيٍّ من أصول هذه اللغات.
ربما أن بعض المفردات وبعض المصطلحات قد دخلت على هذه اللغة مع مرور الزمن ونتيجة الاختلاط والتواصل لكن اللغة المجرية بالأساس لا تخالطها إلَّا بعض المفردات التركية نتيجة الاختلاط في بلاد المنطلق الأصلية بالشعوب التركية التي كانت تنتشر في تلك الحقبة من التاريخ البعيد في المناطق التي تقع بمحاذاة منطقة الأورال والمتاخمة لحدود الصين الحالية من الشمال والحدود الروسية الحالية من الجنوب الشرقي.
في كل الأحوال إنه بالإمكان فهم وتبرير خوف المجريين ما دام أنهم لا زالوا يشعرون بأنهم أقلية قومية من الممكن أن تضيع أو تغرق في أي هجرة جماعية وفي أي احتلال أجنبي قد يحملان معهما تغييرات وتأثيرات «ديموغرافية» جديدة لكن ما لا يمكن تبريره وفهمه هو هذه الروح العدائية «العنصرية» ضد اللاجئين السوريين (العرب) التي تجلت بالركلات التي وجهتها صحافية مجرية إلى طفلة سورية وبوضع «الكمامات» فوق الوجوه والأنوف لا خوفاً من «جذامٍ» ينتقل إليهم ولكن إمعاناً في المزيد من الإهانات ومزيداً من العنصرية.
إنَّ المؤكد أن هذه الصحافية المصابة بداء العنصرية مثلها مثل الذين غطوا أنوفهم ووجوههم إمعاناً في احتقار الذين: «ما لزَّهم على المرِّ إلَّا الأمرُّ منه», كما يقال, لا تعرف عن سوريا شيئاً ولا تعرف أن هذا البلد كان في ذروة تألقه الحضاري عندما كانت أوروبا تعيش عصور الظلام وأن شعبه أعطى للعالم تجارب كانت الشعوب الأوروبية تعتبرها في تلك العصور البعيدة من المستحيلات ومن نسج الخيال !!
نحن نعترف ونقر أنَّ مسؤولية الزاحفين إلى العديد من الدول الأوروبية, ومن بينها هنغاريا أو المجر, لا تقع على هذه الدول بل تقع على الأنظمة الاستبدادية التي ارتكبت من المجازر ومن البطش ما لم يرتكبه التتار وما لم يرتكبه الأوروبيون الذين هربوا من بطش «باباواتهم» بغزو هذه المنطقة وفعْل فيها ما فعلوه ليس على أساس ديني وإنما على أساس تسديد ثارات قومية وأطماع اقتصادية.. إننا نعتب على المجريين وعلى غيرهم من الذين لم يقتدوا بألمانيا في تعاطيهم من الفارين بأرواحهم وكراماتهم من بلدانهم لكن المسؤولية الفعلية تقع أولاً وأخيراً على النظام الذي لم يخجل من أن يصف تصرفات الأوروبيين مع «هؤلاء» بأنها مخزية وذلك مع أن الحقيقة هي أنه لا يوجد أكثر «خزياً» من تصرفه مع شعب من المفترض أنه شعبه.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو