الأحد 2024-12-15 06:07 ص

جائزة الثقة

02:56 م

وفقا لاستطلاع ميداني أجراه أحد النواب المخضرمين، فقد أحصى واحدا وثمانين نائبا ـ من أصل مائة وخمسين ـ مزمعين على حجب الثقة عن حكومة عبدالله النسور. ومعنى ذلك أنها لن تحصل على الـ76 صوتا اللازمة لكسر الحاجز النيابي، إلا عن طريق ' الاستعانة بصديق'.

بدأ الأصدقاء، بالفعل، التحرك لتأمين حكومة النسور من السقوط في البرلمان. وقد أفاد نواب، بصورة علنية، بأنهم قد تلقوا، بالفعل، اتصالات تنصحهم بمنح الثقة، بينما تحركت ماكينة التعيينات والوعود. ومن المتوقع أن تشهد عطلة نهاية الأسبوع، مداخلات عديدة من هذا النوع. وهو ما يعيدنا إلى أجواء ما قبل 2011. لم يتغيّر شيء في إدارة السياسة الأردنية.
في الواقع، برهنت التطورات في الدولتين العربيتين اللتين جرى فيهما تحول سياسي كامل، تونس ومصر، على النتيجة نفسها؛ الديموقراطية ليست ممكنة من دون الاستقلال المالي ، بينما الاستقلال ذاك ليس ممكنا من دون تغيير اقتصادي اجتماعي جذري يسمح باستعادة الدولة والمجتمع للثروات التي تراكمها الأقلية، ويحوّلها المستثمرون الأجانب إلى الخارج، وتهدرها الإدارة النيوليبرالية للاقتصاد الوطني.
قدمت حكومة النسور تنازلات تمس بالأمن الوطني في مجال التجنيس والمحاصصة، بغية تأمين قاعدة نيابية وسياسية لحكمها، بينما لوحت للنواب بالتوزير اللاحق، ووعد رئيسها بعدم زيادة أسعار الكهرباء ' قبل استنفاد البدائل'. وهو وعد للاستهلاك، فليس، لدى حكومة النسور بتشكيلتها وتوجهاتها ، أي بديل عن الخضوع للصندوق في ما يطلبه من ' إصلاحات' اقتصادية، أهمها الآن، إزالة الدعم عن الكهرباء من بين حزمة من الإجراءات التقشفية. وهو ما يثير حنق النوّاب الذين يعرفون مسبقا أن الحكومة الأردنية قد وقّعتْ فعلا على اتفاقية القرض مع صندوق النقد الدولي، وقبلت بكافة شروطه، ما يعني أنهم أمام مأزق يواجهونه بافتعال العنف اللفظي ضد النسور، بينما يبقى السؤال مطروحا حول امكانية أن يتجسّد ذلك العنف اللفظي في حجب الثقة عن حكومته.
قد يكون إسقاط حكومة النسور في البرلمان، حسب نواب مخضرمين، هو الخيار الأفضل لتلافي إسقاطها في الشارع لاحقا، وفي الوقت نفسه، إظهار صورة جديدة للبرلمان الأردني، تتفق مع مرحلة التحوّل الديموقراطي، وتشي بأن الإصلاحات السياسية الجزئية التي تم انجازها في البلاد، هي انجازات جدية. لكن الاتجاه السائد في دوائر القرار يؤكّد أن إطاحة النسور، لن تبدّل شيئا في الالتزامات الأردنية نحو ' الصندوق'، مما يجعل من حجب الثقة عن حكومته سببا في تفاعلات سياسية لا يحتملها الأردن حاليا.
هل تساعد الثقة المصطنعة، حكومةً هشّة من حيث تركيبتها السياسية ومعلّقة بالهواء من حيث تحالفاتها، على مواجهة نتائج الخضوع لمتطلبات القروض والمنح الخارجية، ابتداء من تفاقم الأزمة المعيشية، مرورا بمخاطر تحريك المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية ـ الأردنية، وليس انتهاء بالتخلي عن الحياد في الأزمة السورية؟

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة