عندما يتحدث الدعاة والعلماء عن سُنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج حياته فإن العقل يُجري مقارنة سريعة بين ذلك العصر حيث لا شوارع معبدة، ولا جسور منصوبة، ولا أنفاق مخروقة ولا هواتف محمولة ولا شيء مما يجعل به هذا الزمن وما ننعم به اليوم من وسائل راحة. فأنت بضغطة زر ترى البعيد وتخاطب ما وراء المحيطات، وتكيف الجو حولك بما يناسب حرارتك وتصعد الطوابق الشواهق، كل ذلك بزر واحد تضغطه فيحصل لك المطلوب وهو حلال لا جدال فيه، فلم نُعيد ونكرر نريد حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه!
إن الخلط يحصل بين مقارنة المدينة الحاضرة من الحضارة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم بل أوجدها عليه الصلاة والسلام .فالمدينة تقاس بمقدار ما تُطور البشرية من وسائل رفاهية ، والحضارة تقاس بمقدار شعور الانسان أنه إنسان وهنا تحصل المقارنة الحقيقية، ففي ذلك الزمن ربّى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بقوله ( إماطة الأذى عن الطريق صدقة) يوم أن لم يكن شارع معبد كلّف الملايين ولا جسر معلّق. ووجّه الصحابة قائلاً : ( والقشة ترفعها من المسجد فتلك مهر الحور العين ) يوم أن لم يكن سجاد ولا تكييف. وقال: ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يديه ) يوم أن لم تكن مواقع تتناقل أخباراً منها الغث ومنها السمين، وأمر أصحابه فقال ( من ستر مسلماً ستره الله ) يوم أن لم يكن اغتيال سُمعة بمقالة مدفوعة الأجر، ولا تلميع غير مستساغ! ووضع قاعدة فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة) يوم أن لم تكن هيئات لمكافحة الفساد ولا متسوق يقيس مهارة الاداء، وأثبت قاعدة العمل بقوله ( كل لحم نبت من الحرام فالنار أولى به ) يوم أن لم يكن ديوان للمحاسبة ولا جهاز يقيس اداء الحكومة! يوم أن لم تكن عطاءات بالملايين تقابلها هدايا بالملاليم ! وقال: ( من استعمل على المسلمين ( أي المجتمع ) رجلاً وهو يرى أن في المسلمين من هو خير منه فقد خان الله ورسوله )
قبل أن يكون نواب يطرقون الأبواب ومنهم من يقدم المنخنقة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع! فقد كان تركيز النبي صلى الله عليه وسلم على البشر لا على الحجر، وعلى المضمون لا على الشكل، فشعر الانسان بإنسانيته والبشرية ببشريتها والعدالة بوجودها، والكفاءة بمحلها.
واليوم شوارع بالملايين وناس لا يكترثون، وجسور واشارات وحدائق وملاعب غير أن الحال كما ترون، ومؤسسات رقابية وأجهزة محاسبية والنتيجة ما تسمعون، واتصالات وخلويات والعقوق بازدياد وقطيعة الرحم تتفاقم. وجامعات ومعاهد والجريمة تزداد مدنية متنامية لا تنكر ولكن المضمون بلا روح، ملاعب رياضية ومنشآت ترفيهية والضنك ذاته بل بإزدياد !
عندما ننادي نريد سنة الحبيب ومنهجه لا ننادي بشارع من تراب ولا بركوب الجمل بل ننادي برفقة البشرية وأمانة المسؤولية، والقيم الانسانية ومن كان منصفاً قال حضارة النبي أولى من مدينتنا. فهل نقدر أن نجمع بينهما! .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو