الأحد 2024-12-15 21:48 م

حكومة الطراونة .. الحاجة إلى كتف عريض

12:11 م

هذه حكومة لمهمات مستعجلة وصعبة، وهذا يتطلب دعمها طالما أن برنامجها واضح ومحدد ويصب باتجاه استكمال مشوار الاصلاح الذي كانت مسيرته حتى الآن بطيئة حين وقعت في المراوحة واستنزاف الوقت..

دخل الملك على الخط باعتباره قائد مشروع الاصلاح ومصمم مجسماته بعد أن التقط توجهات الشارع وفلسفة الحراك وموسم الربيع العربي ورغبة القوى السياسية المختلفة في المشاركة وعرض برامجها ..وكان دخوله على الخط لمنع التأجيل والتعطيل ولجعل الكلام والوعود تطابق العمل والتطبيق..
للأسف فإن الحكومات المتعاقبة التي أنيط بها انفاذ برنامج الاصلاح السياسي والاقتصادي أصيبت بمرض التأجيل واعتراها الضعف وبدت كما لو أنها اما غير قادرة أو غير مقتنعة أو ليس لديها التصورات الكافية والعلاقات القادرة على انتاج عملية الاصلاح من خلال المشاركة مع السلطات الاخرى أو مع الشارع وتعبيراته السياسية والاجتماعية ..
من هنا كانت سرعة التغيير على الحكومات والتغيير لا يعني كما يعتقد بعض المراقبين غياب الاستقرار الذي يمثله ثبات النظام كون الملك هو رئيس السلطة التنفيذية يباشرها من خلال رئيس وزرائه وبالتالي لا يعني تغيير الحكومات عدم الاستقرار بمقدار ما يعني انها حكومات تجريبية سريعة العطب حين تفشل في النهوض ببرامجها المنصوص عليها في كتب التكليف السامي..وحين لا تكون قامت كثمرة لائتلافات حزبية برلمانية تسمح بتداول مواقع رئيس الوزراء..
أمام حكومة الطراونة مهمات عديدة تجعل الوقت ثميناً والجهد قابل للقياس فلم يعد الابطاء محتملاً ولم تعد المراوحة وجهة نظر فالشارع لم يعد يقوى على المزيد من الصبر وقائد الوطن لم يعد يغفر اي اهمال يخص الشارع أو يعود بالسلبية على أوسع الشرائح الاجتماعية التي يعينها الاصلاح بكل أبعاده لاخراجها الى حياة أوسع أفقاً وأكثر موائمة على العيش..
عند الطراونة خبرات هذا وقت اختبارها ولديه هدوء لا بد أن يتحول الى قدرة على الاحتواء والصبر وهضم المعطيات كافة فالرئيس ليس بالضرورة ان يكون عبقرياً في كل شيء اذ أن عبقريته لا بد أن تتجلى في القدرة على توظيف الجهود الوطنية واطلاق طاقاتها والاستعانة بالشخصيات والقوى التي تستطيع ان توصله الى الأهداف المنصوص عليها في التكليف ..
يمكن للدكتور فايز الطراونة ان يعيد انتاج كثير من المعطيات القائمة وان يدفع بها باتجاه الامام فالرجل الذي كان في رئاسة الحكومة قبل (13) ثلاثة عشر سنة ليس بالضرورة ان يكون هو نفسه في الأداء والا أين الخبرة والتأمل والتجربة وزوايا الرؤية التي توفرت له وهو يراقب من خارج الحكومات يسجل للدكتور الطراونة انه ظل على صلة بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الأردني وظل في تشابك حميد معه ولم يفك ارتباطه به..لم يذهب لمشاريع خاصة او تفرغ لغير ما يمكن ان يصنف في اطار العمل العام ولذلك ظل مرناً رطباً قابلاً على الانتظام في العمل العام مجدداً وفي رؤية براجماتية قابلة لاستيعاب الجديد وتوظيفه وتطويره ليقترب من الأهداف الوطنية المتوخاة..
الطراونة قبل (13) سنة ليس الطراونة الآن في سن (63) سنة الان فهناك كثير من المعطيات تغيرت في قناعته وارادته وسلوكه وكلها الان ستختبر أمام المهام الجديدة وفي فترة الامتحان القصيرة التي على حكومته فيها ان تجيب على أسئلة عديدة ومحددة وباجابات لا تحتمل الخطأ..
كنت استمعت اليه في محاضرة بمنتدى حزب الاتحاد الوطني حين دعي لالقاء محاضرة امام أعضاء قيادة الحزب وجمهور نوعي وقد أدركت انه يلتقط الواقع ويعرف حجم الفجوات التي تحتاج الى سد..وصعوبة الخروج من هذا الواقع الذي على الكثيرين من المعنيين والمهتمين بالقضية الوطنية ومسيرة الاصلاح ان لا يقولوا له «اذهب أنت وربك..الخ» وانما عليهم ولضرورات الوطن والدولة والمستقبل ان يساندوه وان يضعوا اكتافهم الى جانب كتفه ليكون الكتف عريضاً قادراً على الحمل والسير الى الأمام..
في المحاضرة تحدث عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه البلاد.. وعن قانون الانتخاب وأنا أعرف ان قناعته هي باتجاه الصوت الواحد ولكنه لا يفرضها الان اختصاراً للطريق وحفاظاً على المكاسب واحتراماً لتراكم الجهود وعدم استفزاز لاي قوى وقد ترك الامر للبرلمان في اقرار مشروع القانون بعد النظر فيه واختيار الأنسب..
كما للطراونة رأي في الحراك الوطني لا أريد ان اسهب في شرحه ولكنني أكتفي بعبارة قالها وهي عميقة الدلالة..»اذا الرضيع لم يصرخ فإن أمه لا تكتشف انه جائع وقد لا ترضعه».


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة