هل تستطيع حماس أن تعيد صياغة نفسها ومبادئها باعتبارها جماعة سياسية فلسطينية تعمل لأجل فلسطين والفلسطينيين انطلاقا من المدخلات الممكنة للمشهد السياسي كما هو، ومستلهمة الفرص الممكنة والواقعية للحفاظ على الوجود والطموح الفلسطيني؟ وإذا أرادت ذلك بالفعل، وكانت قادرة، هل ستقدر أن تعمل وحركة فتح معا في إطار سلمي للصراع والتعاون والتنافس؟ لقد أدخلت حماس نفسها في أصعب مرحلة وفي تحدٍّ فشلت فيه من قبل حركة فتح؛ التحول من حركة أيديولوجية إلى حركة وطنية، ومن اللعب مع الشركاء وتحت ظلهم إلى اللعب وحيدا ومستقلا، ومن الحسابات الإقليمية إلى الحسابات الوطنية الفلسطينية، وأخيرا القدرة على استيعاب وتمثيل جميع الفلسطينيين بمختلف اتجاهاتهم ومصالحهم ومواقفهم وانتماءاتهم.
تحتاج مبادرة حماس في التحول إلى قدر واسع من التغيير الشامل في تكوينها وفلسفتها وعلاقاتها وقياداتها وبنيتها التنظيمية، والأصعب من ذلك تحتاج إلى قبول إسرائيلي وفتحاوي! وإذا كان مشكوكا فيه أن تتقبل حركة فتح المشاركة الحقيقية وعلى أساس من حسن النية والتعاون/ التنافس السلمي فلا أمل لحماس في مشروعها الجديد سوى أن تتقبل إسرائيل حماس الجديدة، وأن ترث حماس فتح، فليس متوقعا سوى أن تزيح إحدى الحركتين الأخرى نهائيا! وإذا كانت فتح قد بلغت مرحلة من الشيخوخة والإعياء؛ فإن حماس بما تبقى لديها من حيوية هي المرشح الطبيعي لترث فتح والسلطة والمنظمة، وهي تركة مليئة بالتحديات، وربما يكون أفضل لحماس أن تنقرض هذه التركة وتختفي نهائيا!
دخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مأزقاً درامياً، منذ العام 2005 عندما انسحبت إسرائيل من غزة ثم اكتسحت حماس الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وكانت فرصة مهمة للطرفين (إسرائيل وفلسطين بقيادة حماس) أن تدخلا في تسوية واقعية وجريئة، لكن حماس وليكود فضلا أن تترك المسائل تجري بلا مبادرة على أن يدخلا في مغامرة جريئة قد لا يتقبلها الرأي العام والقواعد الاجتماعية في إسرائيل وفلسطين، والحال أنهما (حماس وليكود) لم يكونا متأكدين أن الناخبين والرأي العام يؤيدون بالفعل المواجهة والتصعيد، وأنهما يفضلان التعايش الحذر أو أن يمضي الطرفان في حال سبيلهما من غير عنف أو توتر.
لقد بدا واضحا أن حماس لم تعد متحمسة للمواجهة العسكرية مع اسرائيل منذ 2005، وان المواجهات التي حدثت كانت على غير رغبة حماس وكانت تتمنى لو استطاعت تجنبها، وإسرائيليا لم تعد المواجهة والتوتر مصدر شعبية وتأييد لحزب ليكود وحلفائه، فلم يعد المزاج الإسرائيلي متحمسا للقتل والقتال، ولم يعد أيضا الطرف الفلسطيني يمنح للحكومة الإسرائيلية انتصارا ميدانيا أو انتخابيا سهلا، لكن ظلت مشكلة حماس مع حليفيها الإقليميين (سورية وإيران) اللذين يفضلان الحروب، ويبدو اليوم واضحا أن حروب 2006 في لبنان 2008، 2014 في غزة لم تكن أبدا حروب الفلسطينيين واللبنانيين، واليوم وقد انحسر تأثير هذين الطرفين، وصعد تأثير قطر وتركيا اللتين تقوم استراتيجيتهما على المصالح السلمية وليس الحروب والمواجهة، فإن حماس تبدو أكثر قدرة على التحرر من أوهام الحرب.
مبادرة حماس تبدو نظريا جريئة وواقعية، لكنها تواجه أزمتين كبيرتين، أولاهما أن حماس تحتاج إلى تكيف هيكلي وفلسفي مع المبادرة يغير جذريا في بنية الحركة وقواعدها ومبادئها ورؤيتها لنفسها وللصراع، والثانية أنها مبادرة تعتمد على قطر وتركيا وسوف يوقعها ذلك في مواجهة مع مصر الحليف واللاعب الرئيسي في المشهد الفلسطيني. تحتاج حماس إلى تأييد مصر، ودون ذلك خرط القتاد!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو