الأحد 2024-11-24 12:30 م

حول «رسالة الملوخية»

10:24 ص







لم أقتنع قط بأن الملوخية تصلح أن تكون طعاما، وهي أحد عناصر الخلاف «الاستراتيجي» مع زوجتي ، فهي بظني مجرد صنف من الأعشاب ! مع احترامي للكثيرين الذين يستمتعون بأكلها، وقد اكتسبت الملوخية شهرة إضافية خلال الأيام الماضية، وكانت حاضرة في مناقشات مجلس النواب للثقة بالحكومة. إثر التقاط أحد المصورين الصحفيين صورة لورقة تلقتها النائب «فضية ابو قدورة» من زميلة لها ،كان مضمونها يدور حول الملوخية.


فكانت مناسبة للتسلية والسخرية من قبل بعض النواب، ومادة للتعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ،وربما حقق مقطع الفيديو الذي نشر على «الفيس بوك»، وتضمن نقاشا جانبيا بين النائب فضية وبعض زملائها ،حول «رسالة الملوخية» ، عدد مشاهدات أكثر من فيلم سينمائي كلف إنتاجه ملايين الدنانير فنحن مجتمع نستمتع ب» أكل لحم «بعضنا بعضا ،ونتصيد «زلات» الآخرين حتى لو كانت عفوية ، و»قصة الملوخية « كانت فرصة ،لتنفيس بعض الاحباطات جراء فقدان الثقة الشعبية المتراكمة بالمجالس النيابية ،وتسببت بجدل نيابي دفع رئيس المجلس الى الدعوة لعقد جلسة خاصة ،لمناقشة «الرسائل المتبادلة « بين النواب.

أنا لا أعرف النائب فضية رغم أننا من نفس الدائرة الانتخابية، والتقيت بها مرة وحيدة ، عندما ذهبت لتهنئتها عندما فازت في الانتخابات ،ولا أظن أنها تعتقد بأنها الوحيدة القادرة على تمثيل لواء ديرعلا في البرلمان، فهي من طينة الأردنيين الطيبين المكافحين في معركة الحياة ، وليس لها تجربة سياسية أو خبرة في العمل العام، وهي مثل غالبية النواب لم يرشحها حزب له شعبية كاسحة ، وبالتأكيد فهي تدرك أن هناك الكثير من الكفاءات الجديرة بتمثيل اللواء في البرلمان، لكن عملية تشكيل «القوائم « خدمتها ضمن الخارطة الاجتماعية ،وفازت بالتنافس وليس ضمن» الكوتا» النسائية.وهي مثل عشرات النواب الجدد تخوض التجربة لأول مرة، ولا شك أن النواب المخضرمين مروا بنفس التجربة، فالممارسة كفيلة بمراكبة الخبرة والاداء.

ومن جانب آخر أعتز بانتمائي للأسرة الصحفية ،وقناعتي راسخة بضرورة ضمان حرية التعبير ،وفي المقدمة حرية الصحافة والاعلام، التي تشمل مراقبة ونقد أداء السلطتين التنفيذية والتشريعية، والنقد لا ينتقص من قيمة النائب أو الوزير والموظف العام ،واذا كان نقدا موضوعيا يفترض أن يكون عامل تحفيز لتصويب الخلل لكن ثقافة التعامل مع رسالة الصحافة الناقدة لا تزال قاصرة ،تقابل من قبل البعض بفهم سلبي وعدائي والذين وجدوا في» رسالة الملوخية «مادة للسخرية والتسلية من النواب وغيرهم، كان غضبهم سيكون أكثر عنفا، كانوا مستهدفين بنقد الصحافة.

وبنفس الوقت فإن العاملين في مهنة الصحافة، سواء كانوا مصورين أو محررين أو كتابا أو ناشرين ليسوا ملائكة ،فهم بشر يخطئون ويصيبون، وبعض من يرفعون أصواتهم مطالبين بحرية التعبير، يتطيرون من الحرية اذا تعرضت سلوكياتهم للنقد، وفي الجلسات الخاصة يتصرف ويتلفظ الكثيرون ،ممن تندروا على «رسالة الملوخية « بما يتناقض مع ما يظهرونه ،فهناك الكثير من الأقنعة تخفي سلوكيات سلبية.

وثمة العديد من «الكولسات « و «الوشوشات» والطرائف، تحدث تحت القبة بين بعض النواب أكبر من «رسالة الملوخية»، لا تلتقطها عدسات الصحافة ماذا لو تبادل بعض النواب رسائل يطلبون من بعضهم مثلا كمية من» اللبنة» أو «الجميد» أو صنفا من الأدوية اذا كان أحد طرفي المراسلة صاحب مستودع أدوية.

خلال الحملة الانتخابية الاميركية تعرض المرشحان كلينتون وترامب ، لعمليات نقد شخصية قاسية من قبل الصحافة، ربما لا تكون المقارنة منطقية هنا ،بحكم الفرق الهائل بين الثقافة والممارسة الديمقراطية ، والمسؤولون والساسة عندنا يطربون للمديح والنفاق ويضيقون بالنقد ، ومن هنا ربما تحت الضغوط والتعليقات الهائلة ،التي نفخت في «رسالة الملوخية « وضخمتها ، ردت النائب فضية بانفعال كما ظهر في مقطع الفيديو الذي نشر، وأظن أنه لا يعيبها الاعتذار للصحافة ، عن كلمات جارحة وصفت فيها الصحافة :»هذا مش شغل صحافة.. شغل بهدلة « فليس من الحكمة أن يخاصم الصحافة من يعمل في موقع عام، كما من المهم التنبيه الى ضرورة عدم زج اسم الملك في مثل هذه القضية ، فليس دقيقا القول أن» احترام النواب من احترام الملك» ، فالنواب مسؤولون عن تصرفاتهم وتوجهاتهم .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة