السبت 2024-12-14 08:28 ص

"خلوة" الحكومة

10:54 ص

أعلنت الحكومة بأنها سوف تعقد خلوة وزارية في مطلع الأسبوع المقبل، من أجل وضع الخطط والبرامج وأولويات المرحلة القادمة.


بداية، لا شك في أن عقد لقاء جماعي لأعضاء مجلس الوزراء لمناقشة الأولويات والخروج بخطة برامجية للمرحلة القادمة مهم بحد ذاته من الناحية المنهجية. فقد جرت العادة بأن تقوم كل وزارة بوضع خططها مع كادرها الوزاري، وعرضها على المجلس والموافقة عليها، ولكن الوصف الأدق لتلك الخطط والبرامج، أنها قطاعية وليست جماعية، ما يمكن أن توفره هذه الخلوة هو إعادة الاعتبار للتفكير والتخطيط الجمعي أو الجماعي.

لقد تم الطلب من الوزارات تحديد عدد معين من الخطط والبرامج كأولويات، وعدم تجاوز هذا العدد حتى تكون هذه الخطط والبرامج قابلة للتطبيق . لا يمكن أن نتوقع من الحكومة تحقيق المعجزات في فترة بسيطة، ولكن لا بد من وجود إنجازات، أو على الأقل، وجود خطة قابلة للإنجاز، وهذا ممكن.

الحكومة حتى الآن أبدت تفهما كبيرا لاحتياجات الأردنيين، وأظهرت درجة كبيرة من الاحترام لإرادة الناس من خلال التواصل المستمر والاستجابة لهموم المواطنين، و بالإضافة إلى أنه يوفر الراحة للمواطنين، إلا أنه أيضاً يشكل رصيداً للحكومة لتستطيع استخدامه في القرارات الصعبة، التي شكلت تحدياً للحكومة السابقة، وبخاصة قانون ضريبة الدخل، و سيكون على أجندة مجلس النواب في الدورة الاستثنائية المتوقع انعقادها بعد عيد الأضحى المبارك، الذي سيكون الاختبار الحقيقي الأول للحكومة بسبب وجود معارضة كبيرة له من ذوي النفوذ.

هناك مسألتان أود الإشارة لهما، لعل الخلوة توفر الإجابة عنهما، أو على الأقل تتناولهما، وتضع آلية للتعامل معهما:

الأولى، هي كيفية الوصول الى سياسات اقتصادية واجتماعية متكاملة Integrated ؛ بمعنى أن يتم الخروج ببرامج وخطط تأخذ بالحسبان الخطط الأخرى، للتأكد من أن كل الخطط والبرامج تخدم هدفاً أكبر، وضمان عدم وجود تعارض في النتائج التي ترجوها الحكومة على المستوى الكلي. لا يتسع المجال لذكر أمثلة على هذه القضية، ولكن التجربة السابقة مليئة بالأمثلة على ذلك. هذا تحدٍ ليس من المتوقع أن تتجاوزه الخلوة بالكامل، ولكن المهم التأسيس لتفكير جديد لأخذ هذه المسألة بالاعتبار.

أما المسألة الثانية، فتكمن في وجود تحديات، وهي أيضاً في المنهج، وتتمثل بوجود عدد كبير من القضايا التي لا تقع ضمن اختصاص وزارة بعينها. كما قرأنا بالإعلام، فإنه مطلوب من كل وزارة تحديد عدد من الأولويات لإدراجها في خطط الحكومة المستقبلية، ولكن هناك عدد من القضايا المهمة التي تقع من ضمن اختصاص وزارات عدة أو جهات معينة، أغلب هذه القضايا يمكن إدراجها ضمن التحديات الاجتماعية. فلو أخذنا،على سبيل المثال، تحدي المخدرات، التي أصبحت منتشرة بشكل كبير، أو حوادث السير التي تحصد يومياً من الأرواح العدد الكبير، علاوة على كلفتها الاقتصادية، وإضافة لمشكلة الفقر والبطالة، هذه القضايا ذات الأبعاد المتعددة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، التي لم ننجح في معالجتها بعد،لا تقع ضمن اختصاص وزارة معينة، بل هناك جهات عديدة تعمل عليها، ولكن حتى الآن لا توجد خطط متكاملة لمعالجتها. وعليه، نحن بحاجة للتأسيس لنمط جديد من المعالجة لهذه القضايا ندرجه تحت مسمى 'السياسات الاجتماعية' الذي تم إهماله لفترة زمنية طويلة.

الخلوة أعادت الاعتبار للتفكير الجمعي والعمل الجماعي، وهي خطوة مهمة بالاتجاه الصحيح، ولكن نأمل أن لا يتحول اللقاء للاستماع لتقارير سير عمل من الوزارات المختلفة والخطط المستقبلية، بل نأمل أن يكون هناك حيز للنقاش والتفكير بهذه القضايا بطريقة مختلفة. إضافةً لذلك، فلا يوجد ما يمنع الحكومة من الخروج ببعض المبادرات من خارج الصندوق للاستجابة لتحديات الشباب، وبخاصة البطالة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة