الجمعة 2024-11-15 12:10 م

دراما مبتذلة في إعلام غير محايد ..

07:56 ص

«من أنتم..من أنتم « عبارة لها وقعها الساخر بسبب نسبتها الى آخر زعيم ليبي «معمر القذافي»، حين أطلقها ذات عاصفة ليبية، عصفت به وما زالت تضرب في ليبيا الى ما لا استقرار ولا جدوى، علما أن مواطني ليبيا عرب ومسلمون، وليبيا بلد نفطي، له ساحل طويل على المتوسط، ومع هذا فليبيا ما زالت تغوص في مستنقعات الفوضى والارهاب، ولا يمكن لأحد بأي حال أن يقول إن وضعها الآن أفضل من وضعها أيام القذافي..وفي هذه النتيجة إجابة على سؤال القذافي الشهير.



ومع ذلك سنقول من هم هؤلاء الذين يريدون للأردن ما أراده بعضهم لليبيا ولسوريا واليمن وباقي السلسلة، فالصمت عما يجري جريمة، والحديث انتصارا وتشجيعا لأي طرف غير الدولة الأردنية هو جريمة، علما أن مجرمين في بلادنا تحميهم بروتوكولات وجهات، بعضها يمتطي صهوة الشارع اليوم وقبل اليوم، يريد امتيازات على حساب الناس والقانون، ولن نقول بأنهم يتحركون بموجب أجندات خارجية، فتلك الأجندات ربما تكون أقل خطرا من الفاسدين، الذين ينخرون في صميم المجتمع والدولة دون أن يجدوا من يوقفهم عند حدودهم.


في البداية والنصف وفي الخاتمة، يحق للناس ممارسة حقهم في التعبير والرفض ومجابهة السياسات حين يعتقدون بأنها ضعيفة ولا تخدم الوطن، فكيف بهم حين يشعرون بأنها تستهدفهم وتهدد أمنهم العائلي، وتصادر مستقبلهم؟ وأتحدث هنا عن الغلاء الذي أصبح يستعر في الأردن مع كل عام جديد، فمن حق الجميع أن يرفضوه، وأن يعتصموا تعبيرا عن احتجاجهم، ولا يعني هذا أن نشيح النظر عن حقائق أردنية، نعرفها جميعا، لكننا تحت وطأة الدراما المبتذلة ننساها، ونتحدث بشكل مجرد، نبدو معه وكأننا رواد فضاء، سقطنا اليوم من أحد الكواكب على بلاد لا نعرف عنها شيئا..لذلك ثمة حقائق علينا أن نتذكرها أولا ثم نتحدث عن حقوقنا في التعبير وعن مساعينا ومطالبنا للتغيير.


قبل أشهر قال الملك عبدالله الثاني «لن ينفعنا أحد ويجب أن نعتمد على أنفسنا»، وفي موقف آخر قال كلاما عن مراودة الأردن عن ثوابته «..لو دفعوا لنا 100 مليار فلن نقبل وسنقول شكرا» يعني : ما النا مصلحة..ولا أعلم كيف يفهم بعضنا مثل هذا الكلام، وإن لم يكن منافقا أو دجالا حين يوجه الكلام لجلالة الملك يرجو منه التدخل لإقالة الحكومة والنواب، وربما أيضا استخراج بحور من النفط وأن يأمر السماء بأن تمطر ذهبا!.. هل تردي وضعنا الاقتصادي معلومة لا يعرفها بعضهم؟ وهل خطر ارتفاع المديونية حالة لا تعني لهؤلاء شيئا ولا يلزمها تقشفا وشد أحزمة على البطون؟ ..ما الذي تتجاهلونه بالضبط وما قصة الطلب من جلالة الملك التدخل رغم الخبر الأكيد الذي قاله الملك بأننا بحاجة الى الاعتماد على ذاتنا !


سلوك الحشد مريب؛ وفيه تنظيم غريب، وشعارات مؤقتة، لم يضعها من وضعها ليتمسك بها، إنما ليغيرها في اليوم التالي الى شعارات الحلقة الأخيرة المعروفة التي تعيشها ليبيا وغيرها، وهنا يجب أن نستدعي الذاكرة قبل الأخلاق والمنطق، فالذاكرة تزخر بخسارات لشعوب، لم يقبلوا بنتائجهم الخاسرة تلك إلا بوجود «عدو افتراضي» هو من جعلهم يخسرون، في الواقع إن أفضل النتائج الخاسرة تكون بوجود عدو لتبريرها، ولا يمكن للخاسرين أن يدينوا أنفسهم بأنهم أخطأوا فدمروا بلدانهم، وخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المتطوعين محترفي التخريب في بلدان العرب.


الجاهل؛ هو من بين من يحمون «سيستم» الفساد، وحين نجد اعلاما غير محايد، وكتابا لسيناريو دراما مبتذلة، فهذه أفضل التسهيلات لمزيد من فوضى وخراب وفساد، ودعونا نفهم إجراءات رفع الضرائب على أساس الاعتماد على الذات، علما أن المشكلة الحقيقية ليست في ارتفاع الضرائب وحدها، بل في السوق المسعورة التي ينخرط كثير من تجارها أيضا في مسيرة الرفض، بينما هم ينتظرون أي قرار حكومي لرفع ضريبة ما، ليستوفوها مضاعفة وأكثر.


حتى حين نتحدث عن مديونية مرتفعة، ننسى أن كل الحكومات قبل الملقي ساهمت في رفعها، بينما آخر أرقام حكومة الملقي تقول بأنها لم تقترض جديدا وأوقفت عبء خدمة الدين عن الارتفاع، فهي بهذا المعنى أفضل من كل سابقاتها على صعيد الدين والتوجه الى مزيد منه، وهذا إجراء لا يفهمه طفل يريد من ابيه المديون أن يشتري له ألعابا، ولا نقول بأن الطفل مجرم، لكننا نوجه اهتمام المتابع لهذه الدراما بأن الطفل غاضب ويريد ألعابا ولا يفهم مشكلة والده مع النقود.


أصبح خبرا في بعض وسائل إعلامنا « نسبة كبيرة من المزارعين مطلوبون للتنفيذ القضائي» ! ماذا عن الصناعيين وعن الموظفين الآخرين، أليسوا كلهم تقريبا مقترضين من البنوك؟.


إن آخر الأسئلة الاعلامية المهنية كان يتقصى «لماذا يمرض رئيس الوزراء؟ وشو يعني : ما فيه في البلد طبّ يعبي عينه؟»..وأسئلة غيرها.


هل أدركتم حجم الابتذال في هذه الدراما، وحجم الحيود الاعلامي عن المهنية والمنطق؟ ..أعرفكم جيدا، ومن أدب السؤال عدم معرفة الإجابة لذلك لن أقول «من أنتم ..من أنتم»، فأنا وأنتم نرى بعضهم في ليبيا وسوريا وسائر البلدان العربية التي سقطت بجهلهم أو باستغلال الفاسدين لصدقهم وبؤسهم المقدس.


حتى لو كانت الدولة «دولة فساد» فعلا كما يقول الواقفون خلف الستار، فلا خاسر في هذه الفوضى سواكم، فهل عرفتم من أنتم؟.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة