الأحد 2024-12-15 16:18 م

دور الأردن الإقليمي

09:20 ص

الإقليم ينتظر حدثاً كبيراً يتعلق باعادة صياغة وفق معادلة دولية جديدة باتفاق القوى الكبرى صاحبة المصالح الاستراتيجية في المنطقة، وبالتعاون مع القوى الإقليمية ذات الأثر والفاعلية في رسم معالم الأحداث الجارية، ورغم حالة البؤس التي تمر بها الأقطار العربية الكبيرة، لا بد من البحث عن الفرص المواتية في ظل التحديات الكبيرة المتراكمة.



لقد استطاع الأردن أن يصمد ويحافظ على استقرار سياسي نسبي في وسط هذا الإقليم المشتعل شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً، وهذا الصمود يُعدُّ انجازاً في نظر كثير من المراقبين إلّا أنه في الوقت نفسه ليس نهاية المطاف وينبغي عدم التوقف عند هذا الحدّ، وإنما يمكن الانطلاق نحو صناعة مستقبل مختلف، وهذا ممكن إذا تم الاستثمار بالبيئة المحيطة بطريقة معقولة، خاصة وأننا في أواخر السنوات العجاف التي اجتاحت العالم العربي والتي أذابت الشحم وأكلت اللحم ودقت العظم، ومن المؤمل أن تكون في الهزيع الأخير من الليل وننتظر بزوغ الفجر، ولكن الفجر لن يكون مفيداً إذا طلع على قوم نيام.


هناك فرصة سياسية تتمثل بمحاولة انجاز مبادرة مصالحات عربية ضرورية في مختلف الأقطار العربية على مستويات داخلية وعلى مستويات بينية خاصة، إذا علمنا أن الأردن يرأس القمة العربية، مما يجعله مؤهلاً لممارسة دور توفيقي تصالحي ينقل العالم العربي نحو أفق جديد تنشغل فيها الشعوب بعملية البناء والتنمية والانطلاق نحو مرحلة جديدة مختلفة.


هناك فرص اقتصادية يمكن للأردن أن يؤهل نفسه لها، وهي المتعلقة بحركة الإعمار الواسعة التي سوف تنطلق في كثير من الأقطار العربية التي تعرضت للتدمير والتخريب، وهذا سوف يفتح شهية العالم ومعظم الدول الكبيرة لانتهاز الفرصة، وهذا يحتم على الأردن أن يستنفر المؤسسات الاقتصادية والغرف التجارية والصناعية، وجمعيات الاسكان والشركات الاقتصادية المختلفة لعقد ورش من أجل التفكير في هذا السياق بطريقة علمية هادئة بعيد عن العقلية الانتهازية والأجندات الخاصة، بمعنى أنه يجب التفكير بعقلية المصلحة الوطنية العليا، وبطريقة جماعية مؤسسية باشراف عقل الدولة.


وهناك فرص أخرى تتعلق بمسار التعليم العالي بحيث يمكن رفع مستوى الجامعات لتكون مؤهلة لاستقبال الطلاب العرب من خلال بناء منظومة تعليمية راقية ومتحضرة، تمتاز بأرقى مواصفات الجودة في جميع التخصصات المطروحة.


بالإضافة إلى فرصة السياحة العلاجية التي تستحق مزيد من العناية والاهتمام المتطور الذي يجعل مستشفيات المملكة قادرة على تقديم الطبابة لكل المواطنين العرب بطريقة مدروسة ومتفق عليها مع أصحاب المؤسسات العلاجية، وتأمين طرق الرقابة والحماية للمرضى وفي الوقت نفسه وضع الضمانات التي تحمي حقوق المستشفيات كذلك.


ولا ننسى الدور الإقليمي للأردن بتقديم الفكر الإسلامي والوسطي المعتدل، ومحاربة الفكر المتطرف وجعل الأردن مركزاً إقليمياً لمحاربة التعصب والإرهاب الأعمى الذي ألحق ضرراً فادحاً بالاسلام وبالعالم الاسلامي ومستقبل الأجيال.


هذا الدور الإقليمي الواسع للأردن يقتضي أولاً استكمال عوامل النجاح على صعيد الانتقال إلى وضع سياسي ديمقراطي مقبول قادر على استيعاب الجهود الشعبية وضمان مشاركتها في بناء الحالة السياسية المتطورة على صعيد العالم العربي، بالإضافة إلى معالجة الاختلالات الاقتصادية ومحاربة الفساد بطريقة حاسمة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة