الأحد 2024-12-15 06:37 ص

دولارات البنوك لتمويل العجز!

07:08 ص

اكتشفت وزارة المالية مؤخراً كنزاً جديداُ من الدولارات التي يمكن استخدامها في سد العجز المتفاقم في الموازنة العامة، فقد طرحت سندات بمبلغ 500 مليون دولار قبل عدة أشهر واتبعته بإصدار آخر من السندات هذا الشهر بمبلغ 650 مليون دولار، قامت البنوك المحلية بتغطية الإصداريين، لأن الفائدة التي ستدفعها الحكومة تصل إلى 74ر4% سنوياً، مع أن البنوك لم تكن تحصل على أكثر من 1% على ودائعها في الخارج أو في البنك المركزي، خاصة وأنها تدفع للمودعين بالدولار فوائد رمزية لا تتجاوز 1% في أحسن الحالات!.

العملية كما هو واضح مجزية ومريحة، وسعر الفائدة في منتهى السخاء، ويفترض أن الخطر مغطى بحوالي 75ر3% سنوياً أو 25ر11% خلال مدة القرض البالغة ثلاث سنوات.
الحكومة لا تجد نفسها مغبونة بشروط هذه السندات لأن البديل أن تطرح إصداراتها بالدينار وتدفع عليها فائدة أعلى.
الاقتراض الداخلي بالعملة الأجنبية يخلق أوضاعاً جديدة توحي بأن بالإمكان استهلاك الكعكة والاحتفاظ بها في نفس الوقت، ذلك أن البنوك ستظل تحسب موجوداتها من سندات الحكومة بالدولار ضمن موجوداتها بالعملات الأجنبية، والبنك المركزي يحصل على الدولارات ويضيفها للاحتياطي ويدفع مقابلها للخزينة بالدينار، وبذلك تتضاعف موجودات المملكة بالدولار ولكن على الورق، فالدولار المطلوب من الحكومة ليس دولاراً للاغراض الاقتصادية.
عندما تستحق هذه السندات لن يكون مع الحكومة ملايين الدولارات لتسديدها، بل ستطرح سندات جديدة بمبالغ أكبر تستعمل حصيلتها في تسديد السندات القديمة أي أن البنوك سوف تسدد نفسها.
هذه اللعبة مورست في لبنان حيث اقترضت الحكومة اللبنانية مليارات الدولارات من البنوك، وما يقال عن موجودات الجهاز المصرفي اللبناني بالدولار ليس في الواقع دولارات حقيقية قابلة للتحويل، بل قيود دفترية على حساب الحكومة اللبنانية التي لا تملك أية دولارات.
كنا نتحدث عن مزاحمة الخزنية للقطاع الخاص في الحصول على سيولة البنوك، وكان الأمر يقتصر على شفط الخزينة لسيولة البنوك بالدينار، أما ألان فالخزينة جادة في شفط سيولة البنوك بالدولار أيضاً، وبذلك لا تستطيع الأخيرة تلبية طلب القطاع الخاص لا بالدينار ولا بالدولار.
من الناحية الواقعية تقوم البنوك بجمع السيولة من الجمهور وتقديمها للحكومة لتمويل النفقات الجارية فلا غرابة إذا قامت مؤسسات التصنيف الدولية بتخفيض مرتبة بعض البنوك الأردنية الكبرى بسبب المبالغة في إقراض الحكومة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة