الأحد 2024-12-15 05:47 ص

ربى الرياحي: كفيفة تروي تجربتها بحكاية أمل

02:44 ص

الوكيل - لم تكن تعلم ما الذي ستفعله وهي تخطو أولى خطواتها داخل 'الغد'. كانت الصحيفة بمثابة اللغز الغامض الذي لا تدري كيف تتعامل معه، وها هي اليوم مدعوة لأن تكون ضمن كادرها.

أفكار كثيرة كانت تدور في رأس ربى نجيب الرياحي، وهي تحمل مخاوفها وشهادتها الجامعية بتقدير جيد جدا.. وأيضا تحمل وشمها منذ الطفولة كفتاة كفيفة لم تعش حياة طبيعية كباقي أقرانها، وتدخل بهذه الهواجس جميعها صحيفة 'الغد' لتستفتح حظها بالعمل.
حكاية ربى بدأت عندما اتصلت مع الإعلامي محمد الوكيل في برنامجه الصباحي 'بصراحة مع الوكيل' على راديو روتانا مطلع نيسان (أبريل) الماضي. يومها، شكت ربى من عدم تعيينها من خلال ديوان الخدمة المدنية، رغم حصولها على معدل 90 % بالتوجيهي وتقدير جيد جدا في الجامعة الأردنية تخصص لغة عربية.
ربى لم تكن تطلب منّة ولا حسنة، بل فرصة لإثبات الذات من خلال عمل تندمج فيه، وتشعر من خلاله أنها قادرة على العطاء. قالت يومها عبر الاتصال 'لا أريد أن أكون عالة على أحد، وأرغب برد الجميل لأهلي'.
المصادفة قادت رئيس التحرير الزميلة جمانة غنيمات إلى سماع نداء ربى في البرنامج، لتبادر بالاتصال بالوكيل، وتبدي استعدادها التام بأن تضم ربى لفريق الصحفيين في 'الغد'، ما أدخل السعادة إلى قلب ربى التي وافقت على الفور، معتبرة الأمر بمثابة الحلم الجميل الذي طالما تمنته.
بعد أيام قليلة كانت ربى تدلف باب 'الغد'، لتنضم إلى فريق دائرة 'حياتنا'، وتتعرف على زميلاتها. لم تكن ربى تملك فكرة واضحة عن طبيعة عملها المنتظر، وفي الحقيقة فإنه حتى الذين تحمسوا لفكرة ضمها إلى الكادر، إضافة إلى زميلاتها اللواتي رحبن بها في 'حياتنا'، لم يكونوا يملكون تلك الفكرة.
في البداية، أخذت ربى فكرة عامة عن الصحافة والصحفي، وعن الأشكال الصحفية وكيفية الحكم على أهمية المواضيع، إلى غير ذلك من أساسيات المهنة. تلك البداية لم تكن موفقة، لا بالنسبة لربى، ولا بالنسبة للذين سعوا إلى إعطائها فكرة عن مفهوم العمل الصحفي وطبيعته.
كان الشعور العام أن ربى متحفظة كثيرا في الاندماج ببيئة عملها الجديد، إضافة إلى ارتكاز زملائها إلى فكرة أن الصحافة وظيفة ميدانية تحتاج من الصحفي استخدام جميع حواسه، وتوظيفها في البحث عن الخبر ونقله إلى القارئ. ومن هذا المنطلق، جاء السؤال الذي ووجه به الجميع: ما الذي تستطيع أن تقدمه فتاة كفيفة في هذا المضمار؟
في تلك المرحلة، كانت ربى نفسها، تشعر أنها في مكان غريب لا تعرف ما يدور حولها. كانت تستشعر أحيانا ضيقا شديدا، فضلا عن خوف لازمها، وقتها، بأنها لن تستطيع أن تكون صحفية ناجحة، وذلك لأنها كفيفة.
الحالة استدعت المصارحة بين الطرفين؛ ربى وزملائها. بداية أسرّت ربى لمديرة تحرير دائرة 'حياتنا' الزميلة فريهان الحسن بهواجسها عن المهنة التي تختبرها، ومخاوفها من الفشل، وتم تشجيع ربى وقدّم لها دعما ومساندة للمضي قدما في تجربتها.
وأكد لها الزملاء أنها بالإصرار والعزيمة يمكن أن تكون أول صحفية كفيفة في الوطن العربي.
كان ذلك اللقاء بمثابة 'كسر الجليد' المتأخر، إذ بدأت ربى بالاندماج أكثر بمحيطها، وبدأت بالإكثار من الأسئلة عن كل كبيرة وصغيرة. ومن خلال جلسات العصف الذهني، استقر الرأي على أن تجرب الكتابة عن حياتها، منذ أن فقدت البصر في طفولتها، وصولا إلى الفترة الجامعية وما بعدها، وعن الصعوبات التي يتعرض لها الكفيفون في البيت والشارع والمدرسة والجامعة، وكيف أنه لا توجد مرافق وخدمات خاصة بهم. إضافة إلى الكتابة عن النقاط التي تراها مضيئة في حياتها، والأشخاص الذين أثروا في حياتها.
اليوم الأجمل، كما تؤكد ربى، كان يوم كتبت أول مقال لها بعنوان 'حكاية أمل'، سردت فيه مجمل تجربتها. في ذلك اليوم قرأت زميلاتها ما كتبته، لتكون مفاجأة الجميع أن ربى تستطيع التعبير بأسلوب أدبي شفيف، وأنها تستطيع أن تبث في المفردات مشاعر وأحاسيس مرهفة.
يومها شعرت ربى أنها محاطة بعائلة أخرى، عندما توافدت زميلاتها إلى مكتبها مهنئات ومبديات إعجابهن الشديد بما كتبته.
تلك كانت انعطافة مهمة في عمل ربى بالصحيفة، فأخيرا وجدت القوة في داخلها، وهي تعرف اليوم كيف توجه هذه القوة لتكون وسيلة للإطلال على عالم الكفيفين الذين يعانون صعوبات كثيرة، وهي اليوم تسعى، من خلال كتاباتها، إلى أن تصنع فرقا في حياتهم.
ربى تشعر بسعادة كبيرة اليوم بعد أن أنجزت أكثر من 12 مقالا، وضاعف ذلك من ثقتها بنفسها وقدرتها على النجاح، ما جعل الابتسامة غير مفارقة لشفتيها.
'الغد' تخصص لمقالات ربى زاوية أسبوعية في ملحق 'حياتنا'، تنشر كل يوم اثنين، تطل فيه على قرائها.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة