الأحد 2024-11-10 02:50 ص

رسالة الملك

08:06 ص


تحلت رسالة الملك عبدالله الثاني لمدیر المخابرات العامة الجدید اللواء أحمد حسني بدرجة غیر مسبوقة من الشفافیة، تعني من بین عدة أمور مھمة، ثقة عالیة بالمؤسسة الأمنیة الأبرز في الدولة الأردنیة، وشجاعة في تشخیص الاختلالات حتى وإن كانت فردیة، ورھان مضمون على قدرة المدیر الجدید في التعاطي مع ھذه التحدیات من جھة، واستكمال عملیة التطویر والتحدیث التي خطھا الجھاز منذ سنوات بتوجیھات مباشرة من الملك.



كان بالإمكان التعامل مع الأخطاء الفردیة التي وقعت بإجراءات داخلیة غیر معلنة، لكن جلالة الملك اختار الإشارة لھا علنا، في رسالة تحدي لمن یتوھم بأن الدولة مرتبكة وخائفة ولا تقوى على مواجھة مشكلاتھا، وملخص الرسالة أن ثقة الملك بجھاز المخابرات وثقة الأردنیین في ھذه المؤسسة أكبر من أن تھتز جراء ممارسات فردیة أو حسابات شخصیة.


 لقد أظھرت استطلاعات الرأي على الدوام تصدر المؤسستین العسكریة والأمنیة قائمة المؤسسات الأكثر ثقة عند الأردنیین، في تعبیر جلي عن قناعة عمیقة بأن الجیش والمخابرات ھما صمام الأمان في بلدنا بعد مؤسسة العرش.
ھذا ھو الثالوث الوطني المقدس عند الأردنیین، اختبروه على مدى عقود طویلة وكانوا دائما الرابحین.


وقد یتساءل مراقب من الداخل أو الخارج، ما قیمة ھذه المخالفات مقارنة مع ما نشھده من فضائح وممارسات بشعة ترتكبھا أجھزة أمنیة في دول عربیة شقیقة أو صدیقة؟ السؤال مشروع، لأن باب المقارنة غیر وارد أبدا، لكن رسالة الملك تكشف مدى حساسیتھ وغضبھ من أي تجاوزات أو تعد ینطوي على انتھاك لسلطة القانون ومس بثوابت الدستور واستغلال للموقع لمصالح شخصیة. الأردن لم یكن یوما ولن یكون كحال دول نعرفھا تعیش شعوبھا تحت سلطة أمنیة استبدادیة تتغول فیھا الأجھزة على حیاة الناس وتتلاعب بالمؤسسات وتنتھك أصول الحكم والدستور بحجة حمایة الزعیم.


لقد اختبرنا المؤسسة الأمنیة في أخطر وأصعب المراحل وآخرھا موجة الربیع العربي، وشھد العالم كلھ الطریقة التي أدارت فیھا تلك المرحلة، والاستجابة المدروسة لتحدیات الإصلاح ومقاربة الأمن والاستقرار بما یضمن المصالح العلیا للدولة والمجتمع.


 ربما تكون بعض الأخطاء المرتكبة في مؤسساتنا ناجمة عن سوء فھم وعدم إدراك لمتغیرات العصر الحدیث والدور المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي وثورة المعلومات، وغیاب الرؤیة الاستراتیجیة للتعامل مع ھذه المتغیرات التي تركت أثرا بالغا على عمل الأجھزة الأمنیة والمؤسسات المدنیة. وفي ھذا الصدد علینا أن نستعد لمرحلة أكثر تعقیدا في ھذا المیدان تتمثل في دخول تقنیات الجیل الخامس حیز التطبیق.


دول متقدمة في العالم بدأت نقاشا مستفیضا في دوائر الحكم حول كیفیة مواجھة التدفق المحتمل للمعلومات بما یضمن الخصوصیة العامة والشخصیة.
أجھزة الأمن والمخابرات في قلب ھذا النقاش لإدراكھا حساسیة الأمر وخطورتھ على الاستقرار الأھلي.


 لقد ساھمت وسائل التواصل الاجتماعي في الحط من مكانة الطبقة السیاسیة والنخب بمجملھا، والتي انجرفت في حملة البحث عن الشعبویة على حساب سمعة المؤسسات الوطنیة، ودون أدنى اكتراث لمصالح البلاد العلیا، وفي طریقھا لتحقیق الشھرة لم تتوان عن تلطیخ سمعة المؤسسات والرموز الوطنیة. حان الوقت لوقفة مراجعة شاملة وعمیقة، تضع حدا لموجات الكذب والافتراء التي تملأ الفضاء العام

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة