السبت 2024-12-14 10:49 ص

رسالة من مُخالف للرئيس أردوغان

11:17 ص

فخامة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، اهلا وسهلا بك ضيفا على المملكة الاردنية الهاشمية، بُعيد اقل من اسبوع على تجربة الانتخابات الجديدة القديمة في الاردن، فجديدنا مجالس المحافظات وقديمنا المتجدد انتخابات المجالس البلدية، وتلك لك معها ذاكرة ايجابية بوصفها اول ظهور لشخصكم الكريم في الحياة السياسية التركية كرئيس لبلدية اسطنبول واول معرفتنا بشخصيتكم السياسية الخدمية، ودون شك فان تجربتك مع بلدية اسطنبول قصة نجاح ومثال يمكن القياس عليه، وربما سَبقت ساسة في الوصول الى الرئاسة السياسية عبر العمل البلدي او سُبقت، لكنك واحد من المع الناجحين في هذا المضمار، فالصهيوني اولمرت الذي وصل الى السياسة عبر بلدية القدس يقبع الآن في سجون الفساد، وننتظر تجربة مثيرة لرئيس بلدية الزرقاء في الاردن الذي يستلهم تجربتك ومن مريديك ولا يرى فيك او منك خطأ، ولعل المفارقة انك رئيس ثاني اكبر بلدية وهو كذلك وحتى اولمرت حظي بمقعد البلدية الثانية في دولة الاحتلال، فهل هذه قوانين الصدفة ام غيرها ؟


فخامة الرئيس الصديق سابقا “ العديق “ لاحقا، كنت اقرب الناس الى المجتمع العربي على وجه الحصر، وكنت املا نرقبه كي ينعكس على الواقع السياسي العربي، فتستثمر محبة الناس لك في طي صفحة مرحلة الحكم العثماني وما اوصلنا اليه من وبال على المجتمعات العربية من فقر وتخلف، ورأينا فيك قائدا قادرا على انتاج علاقة مع الاقليم العربي ترفع من قدرة هذا الاقليم على مواجهة الغطرسة الصهيونية، وحلمنا بعلاقة مستنيرة مع ايران بوصفها الضلع الثالث في الاقليم المذبوح بسكين الاحتلال الصهيوني لقدس الاقداس، ورأينا في اقترابك من دمشق وعلاقتك المتميزة معها بداية الفرصة وكذلك في علاقتك مع فلسطين ومقاومتها، لكنك يا فخامة الرئيس اخترت من فلسطين جزئية وانقلبت على دمشق كلها وحافظت على استراتيجية العلاقة مع دولة الاحتلال والقهر فقهرتنا نحن المعجبين بك اكثر من غيرنا، فالنجاح الذي حققته في تركيا الصديقة لا ينكره الا اعمى او حاقد، وكنت نموذجا للاستقلال الوطني وعدم التبعية وهذا النموذج الذي نعرف ونعترف انه المطلوب لتخليص البلاد والعباد من القهر والاستبداد والتخلف .

فخامة الرئيس، كلمة “ عديق “ هي اقرب وصف دبلوماسي يمكن ان نخاطبك به اليوم، فأنت صديق لاحلام الشعوب بالتحرر والتقدم الى ما قبل الربيع العربي او الخراب العربي حسب النتائج، حين انحزت الى تيار بعينه دون نصيحة منك، وانت العارف اكثر من غيرك ان مرحلة الوصول الى الغايات الوطنية تتطلب صبرا واحزابا وقيادة، كما تجربة حزبكم الذي تعرّض مرات ومرات للحل والدعوة لانتخابات مبكرة دون ان تنحرفوا في الحزب الى الاستعانة بالاجنبي لحماية الديمقراطية المسفوحة او تعبثوا بالمكونات الاجتماعية وتفتحوا الباب للهويات الفرعية كي تطغى ولم تحملوا السلاح في وجه الدولة التي ظلمتكم، وهذه كلها يا فخامة الرئيس اشتراطات الثورة الشعبية والاخلاص الوطني، ولكنكم في مشهدية دمشق تحديدا، وفي مشهديات اخرى مثل تونس ومصر، انقلبتم على كل افكاركم واعذرني القول رأينا فيكم وجها استعماريا جديدا يسعى الى استثمار اللحظة كي يعود العثماني مجددا ولكن ببدلة وربطة عنق وليس ببسطار .

فكيف لمن عرف ومارس كل اشكال الصراع المدني السلمي، وحقق من خلاله النصر على الاقصائية العلمانية المدعومة من العسكر، ان يدعم اقصائية مذهبية مثل التنظيمات الارهابية، وان يفتح لها الطريق لذبح دمشق، وان يقبل عسكرة الثورة السورية ويدعم الفتنة في المجتمع المصري، الذي حصل معه ما حصل معكم ومع حزبكم لاكثر من مرة دون ان تلوذوا بهذه الاسباب، فانتم اصحاب تجربة وخبرة في هذا المضمار حصريا، اي مضمار المواجهة السياسية المدنية السلمية، الا اذا كنتم انقلبتم على افكاركم او استعدتم عقلية تركية سابقة ترى في مجتمعنا العربي مناطق نفوذ وتبعية واحييتم الحلم العثماني القديم بثوب جديد، فتحالفتم مع تيار بعينه دون غيره يؤمن بخلافتكم علينا بوصفه دون غيره حارس الخلافة، وبقيتم انتم ترفلون بثياب العلمانية والديمقراطية، تماما كما يفعل الغرب معنا، حين يعيش بديمقراطية داخلية ويدعم الانظمة الرجعية والعسكرية في بلداننا ويعيش في العسل مع دولة الاحتلال .

فخامة الرئيس، اهلا بكم ضيفا على مملكتنا، ولكنها رسالة من مواطن يعيش على هذه الارض الطيبة ومؤمن بيقين ان العلاقة مع الجارين التركي والايراني، علاقة دائمة فلا أحد منا سيحمل وطنه ويرحل من جيرته الجغرافية، ومؤمن بحق القومية التركية والقومية الايرانية والقومية العربية بالعيش المشترك الآمن والجوار الحميم القائم على التعاون والاحترام بعد ازالة درن الاحتلال الصهيوني البغيض، فهذه مهمة الاقليم كله بطرد السرطان من جسده، ومعترف بانكم يا فخامة الرئيس زعيم تركي من طراز فريد، رفعتم بلدكم واحترمتم شعبكم ووفرتم له كل اسباب النجاح والقوة والحياة الكريمة وانجازاتكم في تركيا حاضرة ومتصاعدة، وهذا حق لكم، مع احتفاظنا بحقنا ايضا في الحياة الكريمة دون احلام الجوار باحتلالنا مجددا بأي شكل واي اسلوب، واهلا بكم مرة اخرى ومرات كثيرة .

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة