الإثنين 2024-09-23 00:15 ص

روسيا والعرب !!

08:44 ص

نعرف ان التاريخ لا يتكرر ولا ينمو دائريا، وان حدث مثل هذا التكرار فهو اقرب الى الكاريكاتور، لهذا فالعلاقات العربية الروسية الان من طراز آخر ولا تقاس بأية حال على العلاقات ذات البعد الايديولوجي في الحرب الباردة، رغم ان هناك من اصابتهم نوستالجيا تلك الحرب بالتوقف عن النمو عندها .

روسيا الان لا تقايض القمح بالشعارات ولا تبيع احلاما للعالم الثالث الذي فقدت معظم دوله تسعيرتها السياسية بعد ان تلاشى ذلك الهامش الذي يسميه الشاعر دانتي اللمبو بين الجنة والنار، لكنه حين يترجم سياسيا يصبح بين الرأسمالية والاشتراكية .
قرائن عديدة يقول حاصل جمعها إن روسيا نهضت من اطول كبوة في تاريخها الحديث، و لم تعد اوسمة محاربيها القدماء تباع للسواح على ارصفة شارع أرباط بموسكو وذلك ببساطة لأن روسيا بحضارتها وثرواتها و ما تحقق لها من مكانة دولية قد تصاب بسبات الدّب، لكنها ما ان يندلع الدفء تحت ابطيها حتى تصحو و تحصي خسائرها بحاسوب بدائي كالذي شاهدته في أحد الفنادق الموسكوفية قبل ربع قرن فهو حاسوب الحصى أو الخرز الملون!
لقد كانت الجرعة التي تلقتها في خريف الحرب الباردة كبيرة، بحيث ندم على حجمها حتى هؤلاء الذين حقنوها بها لأنهم ادركوا على الفور أن الانفتاح المؤقت و ما تسيله الاعلانات من لعاب الأمم التي عاشت خلف اسوارها زمنا لا يكفي لأنه يمحو الذاكرة، وتبعا لأبسط مقولات الجدلية سواء تعلقت بالتاريخ أو الحضارة فإن البذرة التي تسقط من شجرة عجوز قد تتحول الى غابة.
روسيا الآن تعاني من حصار متعدد الاشكال، لكنها تعرف جيداً ثمن استعادتها لحضورها الدّولي، بعد تفكيك اوشك أن ينتف ريشها الامبراطوري و يسلخ جلدها .
القادم من العلاقات العربية الروسية له صيغة أخرى، فالمصالح المتبادلة ليست ايدولوجية بل هي اقرب الى البرغماتية السياسة في عصر اصبحت المعادلات و الحواسيب و الارقام هي أقانيمه الثلاثة و قد يكون الطريق بين بعض العواصم العربية و موسكو لا يخلو من مطبات, فالفوبيا السُّوفيتية لم تسقط بعد من الذاكرة السياسية، لكن العالم الجديد الذي بدأت تضاريسه السياسية تشكل له مقياس رسم آخر غير الايدولوجيات و الأفكار المُعّلبة!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة