الأحد 2024-12-15 03:56 ص

زينة حداد ..

01:16 ص

نشرت الزميلة منال قبلاوي تقريرا في الرأي أمس , عن طالبة توجيهي أردنية إسمها:- زينه حداد , أصيبت بسرطان الغدد اللمفاوية , في الفصل الأول وأستطاعت أن تكون الثالثة على المملكة فرع (المعلوماتية) وحصلت على معدل...(93,8).

أود أن أرسل تحية لزينه , وأود أيضا أن أكتب لها رسالة ...
لو كنت مسئولا يا زينة , لقمت بمنحك وسام الإستقلال من الدرجة الأولى لأن القصة ليست مرتبطة بمعدل , ولكنها مرتبطة بإرادة , والناس عادة ممن يعملون في حقلنا يختارون مثلا أعلى لهم في الكتابة :- مثلا البعض يتأثر بهيكل والبعض يحاول أن يكون مثل (كريم بقردوني) , وبعضنا تأخذه مساحات اللغة ..ليكون شاعرا مثل بدر شاكر السياب أو روائيا مثل غالب هلسه .
واسمحي لي يا زينه أن تكوني أنت المثل الأعلى لي ..هل تعرفين لماذا ؟ ...لأن معركتك كانت مع أشرس وأحقر عدو في التاريخ وهو السرطان وانتصرت عليه , أما نحن فيهزمنا الخوف.. والجوع يهزمنا أحيانا , واليد المرتجفة ..والتجاذبات والبحث عن هويات ضاعت ويهزمنا أكثر ما يهزمنا هو أننا لم نعد متصالحين مع الذات .
أنت بعكسنا تماما , صبية في الثامنة عشرة من عمرها ...لم تحفل بالكيماوي ولا بالحرارة التي تداهم الجسد في الليل ولا بفقدان الشهية , ولا بهذا التعرق المؤلم ...ولا بالمناعة التي تنزل إلى أدنى مستوياتها , لم يأسرك الوجع ..وسلكت الدرب الصعب وحصلت على ما حصلت عليه .
من حقي أن أحتفل بك هذا الصباح , وأن أتذكر نزار قباني الذي حين كتب عن دمشق ذاب في تفاصيل الحروف , ولو أن نزار قباني كان حيا وشاهد عيونك وسمع عن قصتك لأدرك أيضا أن البنات في لحظة يختصرن عواصما وأوطانا ...وزينه أبعد من بنت وأقرب لعاصمة من الورد والياسمين .
ولو أن بدر شاكر السياب كان حيا ,لتوقف عند المقطع التالي من قصيدته :- (..يا أنتما مصباح روحي أنتما وأتى المساء , فلتشعا في دجاه فلا أتيه ) ..ولأخبرنا بدر أنك مصباح في دجى الايام ودليل للتائهين .
لا أعرف يا بنت الصبر والوطن الأردني النبيل , كيف أمضي في المقال ولكن هذا الصباح وأنا أقرأ قصتك ...وددت لو تجلسين في المقعد الأول من مجلس النواب وفي الجلسة القادمة , وأن يتم إلقاء كلمة ..ترحيبية تليق بمقامك, نشرح فيها لسادتنا النواب والحكومة عن معنى الكفاح ..ومعنى الصبر , وكيف هي إرادة الإنسان الأردني تتفوق على أي إرادة أخرى وتقرر الصعود برغم الجرح وبرغم النزف ..فليتعلم منك المجلس الكريم كيف أن بنت في الثامنة عشرة قهرت أخطر عدو في العالم ونحن بعد لم نجرؤ على قهر خلافاتنا وتعبنا وصراعاتنا
شكرا زينه ...سأختم هنا المقال , ومجبر أن أقول لك كلمة واحدة وهي :- أن الورد أحيانا يختصر تاريخ الرجال كله, وحتى ما يسمى ببطولات الرجال ..وأنت وردة ولكن بحجم تاريخ الرجال وربما أكبر قليلا ...عليك السلام , ولك الحب .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة