الأحد 2024-12-15 20:48 م

ساكاشفيلي جعل من جورجيا معقلاً لتدريب الإرهابيين

01:53 م

محمد عودة - ماجستير علاقات دولية - السلام عليكم و على اهل بيتكم ! هذه الكلمات اللطيفة و المقدسة مألوفة لدى كل عربي منا و لدى كل مسلم على سطح هذه المعمورة . اسمعها كل يوم و بكثرة هنا في ارض بعيدة عن وطني من مقيمين من اصل قوقازي ، أتحدث معهم كل يوم عن قرب، وهم يعتبرونني واحد منهم و كإبن بلدهم ,لأننا نتشارك معهم ليس فقط في الدين، و انما أيضا في التقاليد والثقافة.


يعتبر الجورجين من بين اكثر الضيوف المرغوبين بهم في منطقة القوقاز ,لذلك نشأت بينهم وبين الشعوب المجاورة الأخرى (الأتراك والأذربيجانيين والروس والأرمن) علاقات اجتماعية و اقتصادية قوية اساسها الصداقة والتعاون في مختلف المجالات و على كل الاصعدة ,و لفترة ليس بالبعيدة كنت اعتقد انه لن تكون هنالك قوة على الارض قادرة على زعزعة هذا التناغم ,لكن و للأسف واقع عالمنا الحديث أكثر خطورة و قسوة و غير قابل للتنبؤ.

منطقة القوقاز كانت دائما ً مثار للجدل و نقطة خلاف محورية ، و محوراً اساسياً لتناقضات مصالح القوى العظمى و تلاقيها، و خصوصاً مصالح الولايات المتحدة وأوروبا. ليس من قبيل الصدفة ان تطفو على السطح من جديد مسألة 'الإبادة الجماعية ' للشركس في القرن الثامن عشر وتهجيرهم عن قراهم و مدنهم خلال القرن العشرين، وهو ما تسبب في صدمة عميقة لأجيال عديدة من شعوب القوقاز. و ليس ايضاً من قبيل المصادفة أن الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من الدول الاوروبية، تنشط بشكل حيوي و رئيسي في صناعة بما يسمى 'الثورات الملونة ' و 'الربيع العربي '، بشكل مباشر و غير مباشر عن طريق الجمعيات و المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان,و في منطقة القوقاز وجدت هذه القوى ضالتها في الحلقة الاضعف و هي جورجيا.

اقترفت وزارة الخارجية الأميركية ممثلة بالوزيرة السابقة كوندوليزا رايس،و من بعدها خليفتها هيلاري كلينتون خطأ سياسي جسيم بالرهان على الرئيس الشاب الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي. فنحن لا ننسى في أغسطس 2008 عندما كان العالم يحتفل بإيقاد شعلة الاولمبياد في بكين ,كان ساكاشفيلي يوقد شعلة الحرب على اوسيتيا الجنوبية الدولة المجاورة المستقلة و عندما كانت تعزف موسيقى السلام في بكين في الوقت نفسه كانت مدافعه تدك القرى الامنة المحاذية للحدود فقتل المئات من الاناس العزل و هجر الألاف منهم عن بيوتهم,كل هذا حدث مع اتفاق مسبق مع الغرب بتأمين موقفه سياسياً و عسكرياً و تقديم كل الدعم له على مختلف الاصعدة مقابل تنفيذ رغباتهم بالتحرش و التحريض ضد جارته روسيا، فسكاشفيلي على استعداد للقيام بأي شيء لمؤيديه و محرضيه الخارجين من اجل دولار واحد حتى لو كان علي حساب شعبه !

فسياسة القيادة الجورجية الحالية غير مفهومة وغير مقبولة ايضاً من قبل الدول المجاورة. فما الذي يحدث؟ و من الذي يسعى الى تدمير العلاقات الاخوية القائمة بين شعوب القوقاز؟ و ايدي من تلطخت بدماء الأبرياء في الشيشان، قراشيفو شركيسيا، كاباردينو بالكاريا، إنغوشيا، ابخازيا واوسيتيا الجنوبية؟

المبعوث الخاص السابق بما يسمى بجمهورية الشيشان اشكيريا في جورجيا 'خيزري الداموف ' (جمهورية قامت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1993 و لم يتم الاعتراف بها و قد اعلن عن حلها وتصفيتها في عام 2000) بأن القيادة الجورجية هي المسؤولة عن العدوان العسكري الدموي ضد الجمهوريات المجاورة لها مثل ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. ففي مؤتمر صحفي عقده في يوليو 2012 في غروزني عاصمة الشيشان ، و من خلال اجابته على أسئلة الصحفيين، أكد أن 'السلطات الجورجية ساعدت المسلحين الاسلاميين من ليبيا وتونس والأردن وتركيا في ارتكاب أعمال إرهابية على الأراضي الروسية. لإضعاف روسيا في المنطقة ولخلق مشاكل داخلية لها حتى لا تستطيع مواجهة الغزو الأمريكي والغربي حول خطوط النفط و الغاز,من اجل هذا أسست جورجيا على ارضها البنية الاساسية لإستقطاب هذه المجموعات المختلفة من المنظمات الإرهابية المتشددة و دعمتها لفعل اي شيء يضرب الاستقرار في منطقة القوقاز و جر المنطقة الى حروب جديدة . فالكثير من الأعمال الإرهابية التي ارتكبت على أراضي جمهورية الشيشان بدأ التحضير لها في جورجيا. '

و يؤكد أيضا إن 'ساكاشفيلي وأجهزة الأمن الجورجية الخاصة قد اتخذوا خطوات جدية لإنشاء التشكيل الجديد بما يسمى ب ' حكومة الشيشان اشكيريا ' يسعون من خلالها للضغط على روسيا وتنشيط الجماعات الإرهابية المتشددة في الشيشان. تحقيقا لهذه الغاية، عقد رئيس جورجيا سلسلة من الاجتماعات السرية مع المقيمين الشيشانيين في فرنسا، و منهم الرئيس السابق للبرلمان الشيشاني اخياد إيديغوف و بحثوا خلال الاجتماع تفاصيل الاتفاق لإنجاح المشروع. و اكد إديغوف في الاجتماع تشجيعه و دعمه لسياسة ساكاشفيلي المناهضة لروسيا. فمن خلال علاقاته الواسعة مع اعضاء مجلس البرلمان ألاوروبي، استطاع ان يساعد المسؤولين الحكوميين الجورجيين و ساكاشفيلي شخصيا لإيصال صوتهم و ايجاد الدعم الكافي لهم لنشر سياستهم المعادية لروسيا في المؤسسات القانونية الدولية التي تقع في فرنسا. '

'ف أعضاء ' حكومة الشيشان اشكيريا ' المدعومة من جورجيا و الغرب شاركوا في معظم أنشطة الأصوليين الإسلاميين الذين ارتكبوا و ما زالوا يرتكبون أعمالا إرهابية في شمال القوقاز بدعم مالي من الولايات المتحدة واسرائيل. وقدمت لهم القناة التلفزيونية الجورجية ' القوقازية الاولى ' الدعم الاعلامي و الصحفي . وبالمناسبة، أحد اكثر العاملين تأثيراً في هذه القناة هي الا دوداييف - أرملة جوهر دوداييف، الزعيم السابق للثورة المسلحة في الشيشان '، - 'على حسب قول 'الداموف '.

وكما نعلم اللعبة الكبرى تحتاج الى الكثير من المال. ف أين يمكننا الحصول علي الكثير من المال 'من جورجيا الفقيرة '؟ اكمل الداموف موضحا: 'ذات ليلة تلقيت اتصالاً هاتفياً من جورج غامساخورديا، نائب وزير الاقليات و الجاليات في جورجيا، ' و سألني لماذا الشيشانيون لا يساعدونا ولا يتعاونون معنا ؟ اعطني رقم حساب في اي بنك ، ونحن سوف نحول لكم اي مبلغ من المال تطلبونه بشرط ان تبدأو الهجمات الإرهابية في فلاديكافكاز! 'في اليوم التالي اتصلت بأحمد زكاييف المقيم في لندن , و نقلت له فحوى الرسالة الجورجية فقال: ' الاعمال لا تدار هكذا ، هذا ليس حواراً جدياً ابداً . سآتي قريبا الى جورجيا وسوف نتحدث '. في ذلك الوقت كنت في البرلمان، وسط مجموعة كبيرة من الاشخاص. فجأة، اعطاني احدهم الهاتف النقال – و على الطرف الثاني كنت أسمع صوت ساكاشفيلي غاضباً : ' ماذا بكم ؟ ألا يمكنكم إيجاد بنك لإجراء التحويلات ؟ فعلاً انتم اناسٌ غير مكترثين! '

على ما يبدو، السيد ساكاشفيلي يعلم جيداً من اين يمكنه الحصول على المال. فالخطط هي نفسها: هجمات إرهابية في القوقاز، و على اراضي دول صديقة للشعب الجورجي. و هذا النوع من الهجمات مكلف للغاية! و لهذا ذهب ساكاشفيلي ورجاله في جولة للدول العربية و زار قطر والمملكة العربية السعودية,و هناك تم الاتفاق. فسكاشفيلي ادرك من هناك بأنه يمكن تحقيق ثروة و بأرقام خيالية.،المعادلة بسيطة: فالأموال التي كانت تذهب من هذه الدول لدعم المقاتلين في الشيشان من خلال وسطاء و امراء حرب ,ستذهب الأن مباشرة عبر تحويلات ضخمة من خلال البنوك الجورجية، والتي بدورها سوف تتحكم.بطريقة صرفها ,و احيلت مهمة توزيع هذه الاموال و طريقة صرفها 'بجورج غامساخورديا، نائب وزير الاقليات و الجاليات في جورجيا، ' والنائب في البرلمان الجورجي نوقزار تسيكلاوري '.

و على خط متصل قامت جورجيا بإنشاء منظمة لمتابعة امور جميع اللاجئين الشيشانيين على ارضها. ولكسب المزيد من التأييد و الثقة و الدعم من الشعب الشيشاني ,قامت السلطات الجورجية بإحضار الا دوداييف - أرملة جوهر دوداييف، الزعيم السابق للثورة المسلحة في الشيشان من ليتوانيا الى جورجيا ,و منحتها الجنسية الجورجية ومنزل وراتب و عمل في القناة الجورجية الاخبارية. و احضرت ايضاً من فرنسا اخياد إديغوف (الرئيس السابق للبرلمان الشيشاني). فهذه المجموعة التي أنشئت لمتابعة الوضع في الشيشان أعلنت نفسها 'حكومة في المنفى '. و مما ذكر ايضاً 'خيزري الداموف ' بأن وزارة الداخلية الجورجية هي المشرف العام عليها و بمتابعة مباشرة و شخصية من نائب وزير الداخلية الجورجي 'غيا لوردكيبانيدزي '.فالأخير لو لزم الأمر، لأرسل بنفسه اناساً لإرتكاب أعمال ارهابية!

الآن و غداً لن نجد شخصاً من الجالية الشيشانية في جورجيا كان مقربا جداً من الادارة الجورجية اكثر من خيزري الداموف, عندما اعلنها و بصراحة و قال بأن الرئيس الجورجي الشاب ساكاشفيلي، الذي تلقى تعليمه في أفضل المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة، والفتى المدلل لدى هيلاري كلينتون، وممثل الحزب الجمهوري جون ماكين ,طاف مراراً حول العالم و زار اكثر من دولة أجنبية للتفاوض لتمويل أنشطة تخريبية على أراضي الشيشان و القوقاز. وفي كل يوم يمر يقتل من وراء هذه الاعمال التخريبية في غروزني، شيركيسك، نالتشيك، فلاديكافكاز، مئات الاشخاص الابرياء ، معظمهم يرتبط بعلاقات اخوية و تاريخية مع الشعب الجورجي الطيب. والآن فقط، و بالرغم من التهديدات بالتصفية الجسدية، و شعوره بتأنيب الضمير ،استطاع 'خيزري الداموف ' ان يقول لنا انه كلما ازداد التلويح بأعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في جورجيا ,كلما اصبحت تبليسي العاصمة الجورجية الجميلة معقلاً للمتشددين الساعين لزعزعة الاستقرار والهدوء و تصدير القتل و الموت لإخوانهم في منطقة القوقاز.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة