نتحاور أنا والزميل سعد السيلاوي من كندا عبر الإنترنت ونقلب الايام الخوالي...وهو يرسل لي صوره بعد إزالة الحنجرة، صدقوني أن شيئا لم يتغير في سعد ما زالت (الكشه) هي نفسها، وما زال الوجه المنتفخ الذي يشبه رغيف الطابون هو نفسه وما زال مصرا على التحدي كما كان.
سعد من جيل لم يتورط بمؤسسات المجتمع المدني، لم يتورط بمواقف مدفوعة الثمن وبالرغم أنه عمل في محطة عربية، لم يغير في الولاء ما بين المايكريفون والدولة...بمعنى :- أنه ظل وفيا لوطن أتعبه وظل محبا للأردن، ولم يبدل جلده..وأنا أعرف حين كان يتغاضى عن أشياء كثيرة ويرفض إرسالها عبر تقارير إخبارية، وأعرف أنه كان يدافع عن وجهة نظر الدولة..في الإعلام الخارجي، لدرجه أن صوته كان مؤثرا أكثر من كل الإعلام الرسمي.
ولد من الطفر، وتدرج في المهنة، وهو لا يملك علاقات نسب ومصاهره ولا قوى دفع خفيه..كل ما كان ما يملكه هو الشخصية المرحة الطيبة والذكية...والأهم أنه قدم للإعلام شيئا مهما وهو أنه لا يوجد في الحياة حياد بل يوجد موقف مهم..وكل مواقف هذا الرجل لم تكن تضرب في الوحدة الوطنية ولم تكن تشكك في وجود الدولة، ولم يقد الأردن عبر الفضائيات على أنه وطن مستبد قمعي..كما يفعل البعض، بل كان منحازا للناس وللبلد ولكل القيم النبيلة الطيبة..
سيعود سعد قريبا إلى عمان بدون حنجرة، وهذا أمر ليس بالمقلق..فهو على الأقل ما زال يملك ضميرا، بعكس من عادوا بلا عناوين ولا ضمائر..
سيعود وسنجد العشرات من الأصدقاء والأحباء..في منزله، وسيجد أيضا وطنا كاملا بكل تفاصيله، يقدم له الشكر والعرفان...وسيجد أيضا تاريخا مليئا بالصوت والصور، تاريخ إعلامي يدرس ليس في كليات الصحافة وإنما في اشكال الغرام ومحبة الناس وعشق وطن...
كنت وأنا أتحدث معه أطلب رقم هاتفه الأرضي كي نتحاور، ونتجاذب الحديث وفي لحظة تذكرت أن الرجل لا يملك قدرة على الحديث الآن...أصلا الناس حين تحبهم، تفهم لغة عيونهم، وسعد عيونه تحكي..وملامح الوجه تحكي، وقلبه يتسع لما هو أكثر من الكلام.
أنا لا أكتب مقالا عن سعد السيلاوي، ولكنها لمسة وفاء لصديق كانت سيارته تحملنا لكل الأماكن البعيدة، وحين يغادر عمان يظل قلبه قريبا ويحملنا معه في هذا القلب المتعب وأعود للقول أن ميزة هذا الرجل...أنه رسخ مفهوما مهما في الإعلام وهو أن للصحفي موقفا في الحياة ومبدأ، وأن الصحفي ولاؤه دوما للوطن والتراب وليس لشعار المحطة أو المايكريفون أو التنظيم..أو المال.
ستعود يا صديق...لعمان منتصرا على مرضك على صوتك، على زمن وإن اعترى الشيب فيه الرأس يبقى القلب شابا...ستعود سعد السيلاوي الطيب والمجنون والأردني النبيل...ستعود بكل ما في القلب من اشتياق لعمان التي أحبتك واحتضنتك..وما بخلت عليها يوما بالود أو الحب أو الوفاء.
حماك الله.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو