الأحد 2024-12-15 16:38 م

شركة تبيع المشاكل للأغنياء

01:20 م

الوكيل - من يبحث عن الوهم في عالمنا هذا، ومن يعيش الواقع؟ كيف يرى الناس فكرة تأسيس شركة لبيع المشاكل للمترفين والمرفهين؟ شركة NeedaProblem لبيع المشاكل شركة حقيقية، لها موقع علي الأنترنت يحمل اسمها، أسسها ثلاثة شبان السويسريين هم هانز مارتن أمراين، ومارتن كونجليا، وبيورن هيرنج في مدينة برن بسويسرا.

وتعلن الشركة على موقعها علي الانترنت قائمة أسعار المشاكل التي تبيعها لزبائنها، وتراوح بين يورو واحد إلى 500 يورو. فالسعر يتوقف علي حجم المشكلة ونوعها، أي أن المشكلة السهلة تباع بيورو واحد، ثم يستمر التدرج في قائمة الأسعار وفقًا لصعوبة المشكلة، الى 50 و100 يورو وهكذا، حتى يصل السعر إلى 500 يورو للمشكلة الصعبة. وأغلى أنواع المشاكل هي التي يصل سعرها إلى 5000 يورو، ويمكن لهذه المشكلة أن تغير حياة العميل بالكامل، كما تقول إعلانات الشركة.

مشاكل الناس كثيرة
حول فنجان قهوة عربية، تجلس مجموعة من الشباب العربي في أحد شوارع ميونيخ. حاولت 'إيلاف' قياس رد فعلهم على هذه الفكرة، وإمكانية شراء أحدهم مشكلة من الشركة. قابلوا ذلك بالسخرية والاستهجان، وقال أحدهم ضاحكًا: 'على الأقل مشاكل الشركة لها حل، أما أنا فكل مشاكلي من فئة الخمسة آلاف يورو، ولا حل لها'.
يقول ممدوح عبد الغني المقيم في ميونيخ: 'ما كل هذه التفاهة؟ كيف يمكن لأحد أن يشتري مشكلة؟ لدينا الكثير من المشاكل، فليت هذه الشركة تشتري المشاكل ايضًا، فمشاكلي وحدي تكفي الشركة عامًا كاملًا'.
ويقول علي الغنيمي، المقيم في شتوتغارت: 'هذه الفكرة مدهشة، أي أن يتاجر الناس بمثل هذه الأفكار وأن يجمعوا النقود، والمدهش أكثر أن تجد هذه الشركة إقبالًا من آخرين لشراء المشاكل، فإغراء الشركة للعميل واضح إذ تقول له إن حياة من دون مشاكل مملة، والانسان بحاجة إلى التضاد في الحياة كالملح في الطعام حتي يصبح له مذاق'.
ومحمد تركي، الزائر في ميونيخ، يقول: 'إذا أخذت مشاكلنا نحن الخمسة الذين نجلس حول هذه الطاولة ووزعتها على أهالي ميونيخ، فستكفيهم وتفيض عنهم'.
لا تفرقة
استطاع أصحاب هذه الشركة، بعد 3 أشهر من تأسيسها، بيع أكثر من 750 مشكلة، كلها من النوع السهل الذي يتراوح سعره بين يورو واحد و500 يورو.
عن ذلك، يقول مارتن امراين، أحد المؤسسين، على موقع الشركة الإلكتروني: 'أكثر زبائننا في ألمانيا من النساء، يشترين المشاكل دائما في فصل الخريف، ولا يوجد لدينا تفرقة بين مشاكل الرجال ومشاكل النساء، كذلك لا توجد فروق ثقافية بين عملائنا من الجنسين، فهم على درجة عالية من التعليم، وقد يبدو شراؤهم للمشاكل نوعًا من الخبرة التي تفيدهم في المستقبل'.
يقول الطبيب المصري ياسر الليموني: 'في البداية، أريد أن أوضح أن وجود المشاكل في حياة الإنسان عامل سلبي، يؤثر على الصحة العامة للأفراد، ويسبب قرحة المعدة والقولون العصبي واختلال عمليات الهضم وتشنج العضلات وتقلص عضلات العمود الفقري، ثم عدم النوم بشكل جيد وعدم التركيز'.
فكرة جهنمية
يرى الليموني أن الأثرياء وأصحاب المال يتنعمون بالرفاهية الكبيرة، ولا يعانون من مشاكل الحياة الروتينية التي تتطلب مثلا العمل 10 ساعات يوميًا من أجل توفير نفقاتهم، لذلك نجدهم يحاولون ملء الفراغ في حياتهم بالسهر ولعب القمار، بأي أمر يشعرهم بالإثارة وبنوع من التحدي في تحقيق المكسب، كممارسة الرياضة الخطيرة والأشياء غير المألوفة، فذلك يولد لديهم شعور بالرضي والسعادة التي تعقب بذل أي مجهود.
يضيف الليموني أن فكرة طرح مشاكل للبيع هي في حد ذاتها فكرة بسيطة وربما تافهة، لكنها في نفس الوقت فكرة جهنمية لأنها بالفعل ستلقي رواج في أوساط الأثرياء حيث ستحرك فضولهم في شراء الغريب والغير معتاد، وهو يري كذلك أن الشركة تجيد فن الإعلان، عندما تعلن على موقعها أن مشاكلها ستحفز إفراز الادرنالين.
ويستطرد قائلًا أن الأدرنالين يساعد الإنسان علي التركيز، وعلى رد الفعل السريع في المخاطر. يقول: 'أثناء الامتحانات، نجد أن الطلبة يتأثرون بالأدرنالين، فهو ينشط خلايا المخ، ومن فوائده أيضًا انه يجعل الإنسان يشعر باللذة والمتعة'.
بذخ ممتع
لا تتوقف اللذة عند الأثرياء على إفراز الأدرنالين، إنما تواكب بالمتعة عند إنفاق الأموال الطائلة في أشياء لا أهمية لها، ولا قيمة. لذلك، لا يستغرب الليموني أن يقوم الأثرياء بشراء المشاكل، سعر المشكلة الواحدة 500 يورو، 'فهذا بالتأكيد سيتوافق مع تدخين السيجار الذهبي الذي يصل ثمنه إلى ألف يورو أثناء التفكير في حل المشكلة'.
لكنه لا يتفق مع الأثرياء في إنفاق الأموال هكذا، أو في شراء المشاكل. يقول: 'قد تكمن السعادة الحقيقية عندهم في حل مشاكل البسطاء ومساعدتهم، أو فعل أشياء مفيدة أو رياضة ذهنية مهمة تنشط الادرنالين، كرياضة الشطرنج وغيرها أو حتى الاستماع لمشاكل الفقراء، فهي تحرك عندهم مشاعر العطف والتراحم، وهذا يمنحهم السعادة والرضى.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة