هناك محاولة واضحة لتعميق فكرة الانفصال بين الحكومة ومجلس النواب من ناحية وجمهور الناس من ناحية أخرى ، وتركيز الاحتجاجات والإشاعات في العاصمة له دلالات كثيرة لا تحتاج إلى كثير من الذكاء كي نفهمها ، فقد خبرنا نسختها الأولى في دول الربيع العربي ، وعرفنا لمن تعود ملكيتها الفكرية ، وشهدنا نتائجها الكارثية على مدى السنوات السبع العجاف الماضية .
يبدأ السيناريو
بالاحتجاج الذي له ما يبرره بالطبع ، وتتصاعد حدته ، وتتسع مجالاته ، وتنتج له شعارته
وأدواته ، ويتولى المخططون اقتناص براءة الأغلبية العظمى من المحتجين لجرهم إلى
الشرك المنصوب عند رمز مكاني سياسي ، كما هو حال الدوار الرابع في جبل عمان حيث
مقر دار رئاسة الوزراء .
لا مجال هنا
للمجاملة أو اللف والدوران عندما نتحدث عن اختراق الحواجز ، فقد سيجت الحكومة
المكان بالحواجز ، ولكن الحوار الذي أجراه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز من
منطلق أنه رجل حضاري شكل اختراقا خطيرا من وجهة نظري ، خاصة وأن من اجتمع معهم لا
يمثلون المحتجين ، ولا يشكلون حتى عينة منهم ، وإلى الآن لا أجد تفسيرا للتركيز
الإعلامي على أحد المتحدثين مع أنهم جميعا عبروا عن وجهات نظرهم ، غير أن ذلك
المتحدث ألغى كل المسافات التي يمكن أن تضبط أي حوار مسؤول !
بالطبع تصرف رئيس
الوزراء بحكمة وموضوعية ، ولكن ما حدث ما كان ينبغي أن يحدث لو أن التحليل
الموضوعي قاد المعنيين إلى فهم أعمق لطبيعة الحراك الذي تواصل في اليوم التالي لذلك
اللقاء ، على نحو أكثر سوءا ، حيث توفرت
الفرصة لتشويه الصورة السلمية ، وظهر المندسون وهم يصرخون عاليا بتنسيق مسبق مع
أدوات التواصل الاجتماعي ، ولكن لحسن الحظ أدركنا جميعا أن ما نشاهده هو نسخة
هابطة جدا لنموذج رأيناه من قبل ، ورب ضارة نافعة ، فقد أدت تلك النسخة الممسوخة
إلى إثارة الوعي الوطني في نفوسنا جميعا .
أما الآن فلن
يفيدنا الكلام المكرر حول حق الناس في التعبير عن مطالبهم المشروعة من أجل وضع حد
لتكاليف الحياة الباهظة ، وللفقر والبطالة والسياسات الفاشلة في إدارة مؤسسات
الدولة ، وفي المشروعات الإنمائية والاستثمارية ، وليس مهما الإشارة إلى الأجندات
الخارجية وأصحابها ، فكل ذلك معروف ومفهوم ، ولكن حان الوقت لشيء من الحكمة ،
والحكمة تستحضر التفكير والتخطيط والإدارة الإستراتيجية ، ومنها حسن إدارة الأزمة
.
نعم حان الوقت لكي
نتعامل مع كل ما يجري بمنطق إدارة أزمة للدولة كلها ، وليس للأجهزة الأمنية وحدها
، فقد تحملت هي وقواتنا المسلحة ما يكفي من التعامل على مدى سنوات طويلة مع
المخاطر والتحديات من أجل صيانة أمن الدول الداخلي والخارجي في مواجهة الإرهاب
والجريمة المنظمة وغير المنظمة ، ولدينا من القرائن ما يكفي لكي ندرك أن جانبا
كبيرا من أزمتنا الاقتصادية التي تعتبر المحرك الأول للاحتجاجات والاعتصامات مرتبط
الآن بتحولات في المنطقة ، تفرض علينا الاستعداد لها ، حاشدين جميع عناصر قوة
الدولة ، وفي مقدمتها التوافق والتضامن الوطني .
بكل صراحة ووضوح ،
لا بد من التوقف عن الدوران في حلقة مفرغة ، آن الأوان لكي نخترق تلك الدائرة
ونخرج منها سريعا ، وأخشى أن الطريقة التي
يتم التعامل بها مع الأحداث قد تجاوزها الزمن !
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو