الوكيل - عطلة طويلة قاربت الأسبوع قضتها الأسر الأردنية في المنازل، بحكم تأثر المملكة بعاصفة 'اليكسا' الثلجية، حيث شهد الأردن منذ الأربعاء قبل الماضي أجواء شديدة البرودة وتساقطا للثلوج التي تراكمت في مناطق مختلفة من المملكة.
المنخفض القطبي فرض عطلة رسمية وتأخير دوام، للحد من حركة المواطنين خارج بيوتهم، والتقليل من حصول الحوادث والخسائر.
هذه العطلة استثمرتها بعض الأسر ايجابيا، حيث وفر المكوث في البيت لها فرصة رؤية أفرادها بعضهم، وسط أجواء حميمية، حيث لم تكن ظروف الحياة الصعبة والعمل المستمر تسمح إلا بلقاءات عابرة.
آخرون قضوا عطلتهم بإنجاز ما تراكم من دراسة أو عمل، وبعضهم وجد فيها فرصة للترفيه ومشاهدة الأفلام التي لم يكن يسعفه ضيق الوقت بمشاهدتها.
وعن قضائها لعطلة الثلج، تقول الثلاثينية أم يزيد: 'كان من المفترض أن يبدأ طفلاي الأسبوع الماضي امتحانات الفصل الأول'، متابعة 'كنت قلقة بشأن تدريسهما بعد عودتي من العمل كوني امرأة عاملة، غير أن عطلة الثلج التي تفاجأنا بها تسببت بتأخير الامتحانات'.
أم يزيد، التي تقطن في ضاحية الياسمين، لا تخفي ارتياحها من أنها خصصت يوميا ساعتين لكل طفل لتدريسهما مبحثا حسب برنامج الامتحانات، حيث فرغت تقريبا من تدريس الطفلين الكتب كافة، وهذا سيسهل عليها المراجعة عند عودة المدارس الأسبوع المقبل.
عطلة قضاها كثيرون، وفق مواطنين استطلعت 'الغد' آراءهم، في إنجاز أعمال بيتية متراكمة، والنوم والمراسلة عبر 'الواتس اب' والتواصل مع الأصدقاء والأهل عبر 'فيسبوك'، رغم الأجواء الباردة، كما قضاها الغالبية في متابعة أخبار الطقس، وتأثير العاصفة الثلجية على المملكة.
أبو أمجد لم تسنح له الفرصة لأخذ عطلة يرتاح فيها جسديا منذ قرابة العام، وبحكم عمله بوظيفتين فإنه 'محروم من النوم والراحة' وفق وصفه.
يتابع الأربعيني الذي يسكن في خلدا، أن العطلة 'القسرية' كانت فرصة لـ'الراحة والنوم ورؤية أسرتي وأطفالي ومعرفة آخر أخبارهم'.
يقول أبو أمجد: 'بحكم اطلاعي على النشرة الجوية، وبحثي عبر المواقع التي كثفت أخبارها عن حالة الطقس، قمت بأخذ الاحتياط بتزويد البيت قبل أيام من تساقط الثلج بالمواد الغذائية الأساسية، فضلا عن تأمين 'اسطوانتي غاز'، كما أنني أحضرت أدوية خافض الحرارة والرشوحات للاحتياط'.
ويضيف: 'لم أضطر للخروج من المنزل، وسعد طفلاي بوجودي بينهما، لاسيما أنني من النادر أن اجتمع معهما بحكم الانشغال'، منوها إلى أن العاصفة الثلجية 'سمحت لي بالتعرف إلى مواهب طفلي التي كنت أجهلها، حيث اكتشفت أن أحدهما يهوى الرسم والآخر يتمنى لو يعزف على آلة الجيتار'.
من جهته، استثمر الثلاثيني رزق عبدالحميد العطلة بإنجاز أعمال كثيرة داخل المنزل، حيث قام بتحرير وتدقيق كتابين لإحدى دور النشر التي يتعاقد معها، فضلا عن إصلاح بعض الأعطال في المنزل.
العمل المتواصل لطالما وقف حائلا أمام سلمى السيد من إعداد أطباق حلوى بيتية أو طهي مأكولات تقليدية، حيث تكتفي بتحضير مأكولات سريعة الإعداد، غير أن عطلة الثلج منحتها فرصة البحث في مونة البيت المخزنة وإعداد أطباق يومية.
السيد أعدت المجدرة والعدس والشيشبرك في العطلة، كما قامت بصنع حلوى الهريسة والكيك وأعدت السحلب أيضا، فكانت سعيدة بما تعده رغم التعب، لأنها ليست معتادة على عمل الحلويات، بل تعتمد على الجاهز منها.
وفي الوقت نفسه، كانت عطلة الثلج إيجابية لدى كثيرين، شكلت عند مواطنين وقتا 'مقتولا ومملا'، حيث 'الضجر والبرد القارس' و'مشاجرات الأبناء'.
فربة المنزل منال درويش ضاقت بالعطلة، لا سيما أن ابنيها بقيا 'ناقر ونقير' طوال العطلة وفق وصفها. منال التي لا تسمح لها ظروفها بتدفئة كل الغرف حتى تمنع مشاجرات ابنيها، جهدت لتوفير أجواء هادئة أحيانا بعد عاصفة من المشاجرات و'التفزيع'.
الضجر هو ما غلب على الخمسيني عماد نجم، الذي كانت العطلة بمثابة 'حبس وتقييد' له، وما زاد الطين بلة، وفق نجم، نفاد اسطوانات الغاز أثناء المنخفض وعدم قدرته على تبديلها بسبب الظروف الجوية السيئة وانقطاعات الكهرباء حالت دون استخدام مدفأة الكهرباء، ما أدى إلى اعتماد الأغطية والحرامات مصدرا للدفء.
الموظفة في القطاع الخاص إيمان عمار، ترى في عطلة الثلج 'تعطيلا للإنتاجية على الأصعدة كافة'؛ إذ لم يتمكن المواطنون من مزاولة أعمالهم، حيث توقف الإنتاج وكأن الحياة 'توقفت عند ثلجة'.
تقول إيمان 'من المفترض أن تكون الشوارع مفتوحة حتى لو تساقطت الثلوج ويمارس الناس أعمالهم بشكل طبيعي'، بدلا من 'تجميد الحياة وتوقفها'.
اختصاصي الاجتماع الأسري د.مفيد سرحان، يؤكد أن الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، ولا يقدر بثمن، وحياة الإنسان عبارة عن وقت ومن ميزاته 'أنه لا يحفظ ولا يمكن استدراك ما فات منه وتخزينه'.
وينوه سرحان إلى أن 'قيمة الوقت باستثماره في اللحظة ذاتها التي يعيشها الإنسان'، متابعا 'الفرق بين الناجح وغير الناجح في مدى استثماره لوقته'.
وقد جاءت هذه 'العطلة الإجبارية' بسبب الظروف الجوية السيئة لتكشف، وفق سرحان، عن مدى 'استعداد كل واحد منا على مستوى الأفراد أو الأسر أو الدولة بمثل هذه الظروف والقدرة على التعامل معها باعتبارها طارئة'، كما كشفت عن 'القدرة من الاستفادة من الوقت الطويل الذي منح للجميع'.
ويزيد سرحان أن العاصفة الثلجية كشفت عن 'ضعف كبير في الجاهزية لكثير من الجهات الرسمية أو الأهلية'، كما كشفت في الوقت نفسه عن جوانب ايجابية كثيرة. ويقول 'فقد بدا واضحا على المستوى الأسري ورغم التحذيرات منذ أكثر من أسبوع، أن بعض الأسر لم تأخذ التحذيرات بجدية وتأمين ما يلزمها من احتياجات وخصوصا الغاز ومواد التدفئة أو الطعام أو كمية مناسبة من الخبز'.
كما أظهرت العاصفة وجود 'خلل في ثقافة البعض الاجتماعية، مثل التهافت على شراء الخبز بشكل مبالغ فيه، أو خروج البعض غير المبرر، وهو ما جعل الجهات الرسمية تبرر التقصير في فتح الطرق على المواطنين حيث قدموا حججا لها'.
الظروف الطارئة التي أجبرت كثيرين على البقاء في منازلهم تستدعي توعية المجتمع وتثقيفه في الاستعداد والجاهزية دائما في البحث عن البدائل المناسبة سواء من حيث الطعام أو وسائل الإنارة والتدفئة، وفق سرحان.
'وفي مثل هذه الظروف نحن بحاجة لمزيد من التوعية للتعامل مع مثل هذه الطوارئ'، بحسب سرحان الذي يرى أنها 'مسؤولية وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات اجتماعية'. ويشدد سرحان على ضرورة أن تجلس الأسر جلسة تقييم لاستعداداتها المستقبلية لمثل هذه الظروف.
ويلفت سرحان إلى أن العطلة كانت فرصة كبيرة لالتقاء الأسرة واجتماعها وخصوصا التي يعمل فيها الزوجان، حيث اجتمعت واستثمرها البعض للتواصل الاجتماعي مع الأرحام والأقارب والأصدقاء، من خلال وسائل الاتصال الحديثة.
ويبين سرحان أن هذه الظروف كشفت 'عن ضعف علاقات الأسر مع جيرانها وعن التقصير الكبير في تعاون البعض في المساهمة في تنظيف مداخل البنايات والمنازل'.
بينما كان هذا الأمر في السابق، وفق سرحان، من 'العيب' حيث كان الناس يتعاونون بمجرد توقف هطول الثلوج في تنظيف مداخل المنازل والأحياء بوسائل بدائية كـ'الكريك والمجرفة أو الطورية'، أما الآن فتخلو غالبية المنازل من عدد وآليات، فضلا عن أن ثقافة التصليح 'غائبة'، وهذا يشير إلى 'أننا نحتاج لدورات تدريبية في تصليح الأعطال والتصدي لمثل هذه الظروف'.
الغد
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو