الأحد 2024-12-15 12:47 م

عصيان تنظيمي

09:05 ص

أحد أهم المصطلحات التي وردت في بيان مؤتمر إصلاح الإخوان المسلمين مصطلح « العصيان التنظيمي «، وجاء هذا البيان رسالة تحذير من المؤتمر الذي ضم قيادات هامة للمكتب التنفيذي الذي ? يبدي أي إستجابة لمطالب هذه المجموعة تماماً مثل أنظمة عديدة مارست العناد ورفضت مطالب من خرجوا مطالبين بالإصلاح فكان ما كان فيها.

العصيان التنظيمي مصطلح جديد على جماعة دائماً توصف بالإنضباط التنظيمي، وبغض النظر عن حجم وتأثير من أعلنوا التهديد بهذا العصيان إ? أن فكرة العصيان داخل التنظيم والتوقف عن دفع الإشتراكات والمشاركة في نشاطات الجماعة فكرة جديدة، وتفتح الباب لحراك داخلي مختلف عما كان يتم في مراحل سابقة حيث كان من يختلف مع أي توجه للجماعة إما أن يخرج منها أو يتم فصله وإبعاده ويختفي في مجا?ت أخرى، لكن من يقود عملية المطالبة بالإصلاح اليوم داخل التنظيم قيادات يعرفها أفراد الجماعة ممن خدموا الجماعة وما زالوا وقدموا كل ما لديهم بإخلاص خلال عقود وكانوا رموزاً لمناطقهم أو للقيادة المركزية وحتى في التنظيم الدولي، وهم من قادوا الجماعة في مراحل صعبة، والعديد منهم لم يعرف في حياته إ? الإخوان حتى بعدما بلغ اليوم السبعين من عمره.
الإصلاح من الداخل هو المسار الذي تبنته هذه المجموعة، وبقيت داخل التنظيم رغم محاو?ت إبعادها، لأن البعض يريد أن تتكرر التجارب بأن يتسرب كل صاحب رأي مخالف إلى الخارج، ولأن هؤ?ء يعتقدون أن الجماعة لهم وهم أحق بها.
العصيان التنظيمي أشبه بالإضراب وهو خطوة إحتجاحية داخل أسوار الجماعة التي ترفض قيادتها التعامل بإيجابية مع دعوات الإصلاح، والبعض من القيادات ينأى عن هذا التيار رغم أنه يعلم أن دعوتهم للإصلاح إيجابية، وأن واقع الجماعة يستدعي الإصلاح رغم كل عمليات الإخفاء والتجميل والإدعاء بأن ما يجري خلاف في الإجتهادات.
مشكلة قيادة الجماعة ليست فقط مع الدولة بل هي في الدرجة الأولى داخلية، وكل من يعلم ما يجري ويسمع من قيادات أو أفراد في التنظيم يعلم أن واقع الجماعة الداخلي صعب ويحتاج إلى ربيع جاد، وما ظهور زمزم ومؤتمرات الإصلاح وما يتداوله رجال مخلصون داخل الجماعة إ? دليل على أزمة داخلية ? تنتهي بإنكارها أو إدارة الظهر لها أو فصل من يتحدث بها واتهامه بتهم تقليدية ثبتت بحق بعض مدعي التشدد الذين يعلمهم الجميع.
ولعل كل عالم بأمور الجماعة يصل إلى قناعة بأن هناك حالة مفاصلة وأفتراق بين تيارين، وأن المشكلة الأساسية هي خلاف على هوية الجماعة وأولوياتها، وهو خلاف لم يبدأ اليوم بل منذ أكثر من عقد من الزمان.
وهناك قضية هامة تمت الإشارة إليها في المؤتمر وهي إعطاء الجماعة وضعاً قانونياً وفق الأنظمة والقوانين باعتبارها حزباً سياسياً، فالشكل القانوني حماية لأي تنظيم، فضلاً عن كونه حماية للعمل السياسي من أي امتيازات خاصة لأي تنظيم أو أزدواجية في العضوية.
تخليص الجماعة من مشاكلها وأمراضها مصلحة للفكر الوسطي، تماماً مثلما تقول الجماعة أن الدعوة لإصلاح الدول واجب وطني، ومن يرفعون لواء الإصلاح الداخلي اليوم يقومون بواجب وطني ودعوي، لأن التغطية المستمرة على الأمراض والعيوب هو ما يضع الجماعة في طريق الضعف والتشرذم الداخلي حتى لو صاحب هذا أصوات صاخبة في الخارج.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة