السبت 2024-12-14 07:38 ص

عندما نخذل بلدنا !

12:11 م

أسوأ أنواع الخذلان التي يمكن أن يتعرض لها البلد خذلان بعض أهله أفراداً كانوا أو مجموعات،
والخذلان الذي نتحدث ليس خيانة أو عمالة بل تكون أحياناً ردود أفعال أو ممارسات ينسى فيها أحدنا نفسه فيقول أو يفعل ما يجرح البلد أو يرسم لها صورة سلبية أو يفتح شهية خصومها وأعدائها ومن يتربص بها لإستغلال بعض الأحداث وفق أجنداتهم أولاً وبالتباكي على صاحب الفعل أو رد الفعل لكنهم يستعملونه ويستغلون انفعاله لما يريدون.

والأوطان يجب أن نعاملها مثلما يعامل أحدنا أباه، فلنتخيل مثلاً أن أحدنا تأخر على ابنه بالطعام أو بأي حاجة طلبها فهل من المقبول أن يخرج الابن إلى بيوت الجيران يشتكي الجوع ويطلب الطعام ويشتم أباه دون أن يلتمس لأهله عذراً أو يمارس قليلاً من الصبر أو على الأقل أن يتعامل معه على أنه أبوه وليس مندوب مطعم يوصل الطعام.
نجرح أوطاننا ونخذلها عندما نظلمها ونجرحها ونحرجها وربما نشمت بها ونتجول على أبواب الآخرين الذين لا تعنيهم أوطاننا ولا يحترمون من يطرقون أبوابها.
من يلحق به ظلم من شخص مسؤول من الطبيعي أن يرفع صوته مطالباً بالإنصاف، وهؤلاء لا نتحدث عنهم، مع أن السعي للإنصاف لا يعني لصاحبه حق التشهير بالدولة والوطن. ويجب أن لا ينسى صاحبه ما حصل عليه من إمتيازات، لكن حديثنا عن بَعضُنَا ممن يتحولون فجأة من حماة للوطن إلى حارقي إطارات وخطباء يشتمون كل شيء لأنهم خرجوا من مناصبهم خروجاً طبيعياً، ونتحدث عن من لا يمتلكون القدرة على الصبر على بلدهم ولسوء فهم أو تحريض يخذلون بلدهم بكلام وشتائم وإساءات في كل الاتجاهات ولا يتورعون عن تجريح بلدهم بأفعال لا يمكن تبريرها.
لو كانت الوطنية أحاديث في الرخاء أو ونحن نتمتع بالإمتيازات وأولادنا يعيشون بخيرات ومواقع الدولة أو في لقاءات تحت أضواء الكاميرات لما كان هناك حاجة لأولئك الذين يضحون بأموالهم أو أرواحهم أو ببعض أجسادهم جرحى، فأحدنا يمكن أن يكون بطلاً وهو في مطعم أو بيته أو أي مكان دون الحاجة إلى أن يقدم تضحية، أما إذا كنّا نعتب ونسخط على بلدنا إذا لم تضعنا حيث نريد ثم نسخط إذا ترتب علينا أن ندفع ضريبة مواقعنا، ونسخط حين ننهي خدمتنا ونغادر بتقاعد وامتيازات، وفي كل الحالات نريد أن نكون أبطالاً ورموزاً لكن دون ثمن.
الرسول الكريم وصف الصبر بأنه عند الصدمة الأولى، وكذلك حب البلد والوقوف معها عند الصدمة الأولى أي لحظة ما نقدم، والوعي ليس في الرخاء بل ونحن نتعرض للتحريض من تجار المراحل، أما الحكمة بأثر رجعي بعد أن نخذل بلدنا ونشتمها ونضع على كاهلها أثقال الخصوم والأبناء فهي ليست حكمة، كما أن الصمت بعد السخط ورفض قدر الله تعالى فليس صبراً.
هنالك حقوق لنا على بلدنا عندما نتعرض لظلم من شخص أو مرحلة أو نعتقد أنها لا تفعل ما يجب لكن لإيصال الصوت لغة ومضمون مثلما يتحدث أحدنا مع أبيه أو أمه حتى لو أعتقد أن أباه ظلمه، أما التشهير والشتم وفتح الآذان والعقول للتجار فهو الخذلان حتى لو تبعه بعد حين ظهور لغة أخرى.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة