الإثنين 2024-11-25 14:31 م

عنوان شعارات الانتخابات الزائفة

07:36 ص

في الوقت الذي يستعد الأردن لانتخاب مجلس نوابه الجديد، تستعد الولايات المتحدة لانتخاب رئيس جديد، ويبدو حسب أدق التحليلات أن يكون «رئيسة» وهي السيدة هيلاري كيلنتون، فيحق حينها للآباء الأمريكيين أن يتفاخروا ويقولوا : ها قد انتخبت أمريكا أول سيدة لتكون سيد العالم الحرّ، بعد أن قدمنا للعالم الأبيض أول رئيس غير أبيض، وهذا إن حصل لن يكون فخرا حقيقيا، فقد سبقتهم الأخت غير الشقيقة، المملكة المتحدة التي تتربع على عرشها الملكة اليزابيث الثانية منذ أكثر من خمسين عاما، وكذلك الحال مع المستشارة أنجيلا ميريكل، فيما تسبق لندن اليوم واشنطن حيث انتخبت السيدة تيريزا ماي رئيسة للوزراء، وقبلها بخمسة وثلاثين عاما كانت مارغريت تاتشر السيدة الحديدية رئيسة للحكومة والتي تعادل بمنصبها رؤساء الولايات المتحدة آنذاك جيمي كارتر وجورج بوش، وهذا مزعج بالنسبة لنا بصراحة.


مع فارق التشبيه بين عمّان وواشنطن ولندن وبون فإن منظمة الأخلاق العالمية التي تظهر فجأة عندما يقترب موعد الإنتخابات العامة وترتفع راياتها الخفاقّة بشعارات الحرّية والعدل والديمقراطية وشعارها الكبير إنقاذ العالم ، سرعان ما تتلاشى كل الوعود البراقّة ، وتتبخر كل أحلام المؤيدين ، ويستيقظ الناس من غفلتهم ليسمعوا كلاما جديدا من الزعماء الجدد الذين ينفصلون تماما عن واقعهم، وينغمسون في الشخصية الجديدة ، شخصية القائد، مع فارق المنصب أو المكان، فالنائب يفرض نفسه قائدا للمجموعة التي انتخبته، ورئيس أمريكا ينسى كل ما كان يصرخ به خلال جولاته وحملاته، فيعود الى استكمال الخطة الإستراتيجية المعدة مسبقا.. فالجميع لديهم خطة بديلة مسبقة لا يحيدون عنها، يلحسون شعاراتهم السابقة ويعتمدونها.

بالأمس لم تخرج «ميركل» لتتهم مواطنها من أصل إيراني بأنه إرهابي، لأنه لم يكن على اتصال مع أي منظمة إرهابية حتى ظهر السبت، لا ندري إن خرجت قصاصة ورق من المخابرات الألمانية العريقة لتكشف خيوطا أخرى وراء هجوم ميونيخ الذي أوقع عددا من الضحايا، ولكن قنوات فضائية عربية شهيرة بدأت فورا بتوجيه تهمة الإرهاب لمنفذي عملية ميونيخ ، قبل أن تتراجع لتضع احتمالية الشك، بأن المهاجم أو المهاجمين هم محليون وغير إرهابيين، وحتى اللحظة تنفي الشرطة الألمانية أن تكون العملية مرتبطة بالإرهاب، فكيف يفسر العالم لنا هذه النظرية الجديدة، حيث لا يمكننا وصف الإرهابي إلا لعربي مسلم فقط، وهذه فرصة جديدة لضخ المزيد من الشعارات الإنتخابية ضد الأعداء المفترضين.

في خطابه لإعادة تنصيبه رئيسا للفترة الثانية عام 2005 أغرق «جورج بوش» الفضاء بمصطلحات برّاقة، ليتخفى وراء القيمّ العظيمة التي يستغلها الطامحون للزعامة، وتلخصت رسالة بوش الذي دمرّ العراق وأخرج الشيطان من قمقمه كما نراه اليوم، هي «نشر الحرية في العالم ومساعدة الشعوب المقهورة على التخلص من حكامها الطغاة»، ولأن الكلام سهل، فقد كانت الديمقراطية والحرية والتغيير وتقرير المصير واستقرار العالم والتخلص من الأشرار، هي كلمات مفتاحية استخدمها بوش وغيره من الحلفاء والمساعدين للترويج لنظرية الزعامة والتسلط الجديدة، فيما يغرق العالم اليوم بعد عشر سنوات بأبشع مناخ للفقر والكراهية والحروب وانهيار الدول والأنظمة والفوضى غير الخلاقة.

لعل من الأسوأ ما نسمعه من وزراء خارجية العالم الحاكم، مثل السيدين كيري ولافروف وكذلك كي مون ، من أنه يجب وضع حدّ للحرب في سوريا، ويضيف كيري أنه يجب على الرئيس الأسد الرحيل لإنهاء المسألة، فيما يرد الرئيس الأسد من قبل على هذا الكلام بالإبتسام والإستهزاء، فهو رئيس منتخب كما يرى وباقٍ على كرسي العرش، وأوباما وكيري راحلان عما قريب الى أسرة النوم الطويل بجانب جورج بوش ووزراء خارجيته كولن باول وكونداليزا رايس. مجلس نوابنا الكريم، سيأتي في ظرف حاسم يشابه الكثير من الظروف الإستثنائية والتحديات الجسيمة في بلدنا ومنطقتنا العربية ، وفي ظل الركود الإقتصادي المخيف وتوحش رأس المال، ولكنه في المقابل قد يكون شاهدا على قدوم أول رئيسة للولايات المتحدة السيدة كلينتون، وهي تحمل في حقيبتها خططا جديدة لعالم عربي جديد، قد لا يكون للتاريخ السياسي والزعامات محل واسع فيه، وحينها سيكون التقييم الوطني مختلفا تماما عن الشعارات التي بات يحفظها الشعب منذ ثلاثين عاما، فهل من شخصيات وازنة تعرف ماذا ستفعل إذا قرُعت الطبول فوق رؤوسنا، وظهرت حقيقة رغبات السيدة كلينتون في تغيير بلادنا الى الأسوأ.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة