الأربعاء 2024-11-27 15:09 م

عن التمويل الاجنبي وضرورة مراقبته

07:24 ص

لم تثبت مؤسسات المجتمع المدني حضورها الوطني باستثناء مؤسسات قليلة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة , فمعظمها دكاكين استرزاق لاصحابها , على غرار دكاكين الحارات القديمة او البقالات , التي كانت تحمل لافتة مطبوعا عليها اسم البقالة ملحوقا بجملة “ لصاحبها فلان الفلاني “ , وظهرت هذه النماذج من المؤسسات بعيد معاهدة وادي عربة على وجه الحصر وتكاثرت بأرنبية عجيبة في زمن الليبراليين الجدد وحظيت بدعمهم وبدعم الولايات المتحدة ضمن برنامج الشرق الاوسط الجديد ومشاريع دمقرطة المجتمعات النامية , علما بأن امريكا اكثر دولة راعية للانظمة الرجعية والدكتاتورية في العالم .



فكرة التمويل الاجنبي فكرة مُلتبسة ويشوبها الغموض من حيث المقاصد والاهداف , وغالبية هذه المؤسسات ودكاكينها تتعاطى مع قضايا ثانوية واشكالية ولا تحتل اولوية في المجتمعات المحلية والعربية , ويمكن اعتبارها خنادق امامية لاختراق المجتمعات العربية وتفصيلها حسب القياسات الغربية دون ادنى مراعاة للظرف الاجتماعي والاقتصادي , فالظواهر الناشئة في المجتمعات الغربية هي ظواهر تنتمي لمجتمعاتها وحاصل جمع افرازات الحداثة والاتمتة وانعكاستها على السلوك البشري , من مظاهر الازياء والتقليعات الى ظواهر المثلية والهويات الفرعية ومفردات الجندرية والحقوق الدينية وغيرها .


قابل ذلك صمت رسمي مريب ليس بحكم تشاطر التمويل بحكم ان معظم الدول النامية والعالم العربي والاردن جزء منها محكوم لاشتراطات البنوك الدولية وصناديقها , ولكنه اخذ شكل الاذعان لرغبات وتوجيهات الغرب ومؤسساته الرسمية سواء بالمضامين التي تبحث فيها وتناقشها تلك البرامج وبالضرورة اذعان من تلك المؤسسات لرغبات الممول فلا يوجد تمويل بريء على الاطلاق , باستثناء تمويل الامراض والمؤسسات الخيرية المعروفة على المستوى الدولي , فحتى تمويل اللاجئين خاضع لاعتبارات سياسية واجندات اقليمية ودولية ورأينا كيف يتم التفاعل مع لاجئ وتجاوز كل هموم وامال والام لاجئ اخر , وقد كشف الربيع العربي بأحداثه ومجرياته حجم الدور المشبوه لتلك المؤسسات ومدى ارتباطاتها بسفارات الغرب المعادية لكل قضايا وامال الشارع العربي .


امس نشرت الدستور الغراء خبرا عن تحويل احدى هذه المؤسسات الى النائب العام بطلب من مراقب الشركات , واظن تلك الخطوة متأخرة – لكن ان تبدأ متاخرا خيرا من الانتظار والوقوف “ فهذه المؤسسات باتت تستشعر بدورها ونفسها كموازٍ للدولة ومؤسساتها واحيانا ترى نفسها اكبر من المساءلة والمحاسبة والخضوع للقوانين النافذة بسبب ارتكائها على المرضعة الغربية , وباتت سيادة الدولة على المحك حيال تلك المؤسسات وحيال غيرها من الظواهر للانصاف , والقرار يجب ان يطال كل المؤسسات المخالفة وكل المؤسسات التي تعمل لغير الغاية التي حصلت على ترخيصها من اجله , حتى ننفي عن القرار دنس القصدية او الاستقصاد لتمويل دون غيره .


خطوة محاسبة تلك المؤسسات واخضاعها للقوانين الاردنية النافذة , حتى لو كنا نختلف على بعض هذه القوانين , مسألة ضرورية ويجب ان تشمل كل المؤسسات العاملة في هذا المضمار الذي بات ينخر في جسدنا القومي والوطني وبات يتمدد بطريقة سرطانية وبما انها شركات بمعظمها غير ربحية فيجب ان تخضع لدائرة مراقبة الشركات وتعليماتها وانظمتها وتلتزم بغاياتها , وسط سؤال غير بريء عن سر ثراء اصحاب هذه المؤسسات رغم ان العنوان الابرز لهذه المؤسسات غير ربحي ؟ وكيف تمارس هذه المؤسسات الخيرية وغير الربحية نشاطاتها في فنادق الخمس نجوم وتمنح المشاركين والمدربين والباحثين اجورا لا يحلمون بها ؟


اسئلة برسم القلق نضعها بين يدي مراقب الشركات والمجتمع كله , كي نبدا بمراقبة هذه المؤسسات ونرصد عناوينها القاتلة والمستوردة دون مراعاة لمؤسسة على حساب اخرى وبمسطرة واحدة يجري القياس بها على الجميع .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة