الأحد 2024-12-15 04:46 ص

عوّاس السم .. ما بذوقه!!

09:23 م

نمتلك من الأمثال والحكم المزيفة ما يمنحنا آليات تبرير ممتازة ومتميزة تعطينا الحق في الفساد والإفساد وفي السرقة ... وحتى الخيانة العظمى . وهي مدعمة بالتشبيهات الضمنية التي لا تخر منها المية ، والتي تربط بين شئ ما، وبين ما نفعله ونمارسه من جرائم، وتقوم بشرعنتها وتبريرها بشكل ميكانيكي يبدو منطقيا، لكن لنا نحن فقط لا غير .


موضوعي اليوم حول نائب سابق كان يجمع الموال لبناء مسجد، وقد تبين أن الرجل – رغم تدينه الظاهري- قد اختلس قسما كبيرا من الأموال ولم يسلم اللجنة سوى القليل . وحينما واجهت اللجنة بالحقائق قال لهم بكل بساطة وبراءة الأطفال في عينيه:

- عّواس السم بذوقه!!

ويقصد بذلك أن من يصنع السموم يتذوقها ، فكيف من يجمع المال ، وبذلك اعطى لنفسه حق سرقة اموال بناء الجامع.

لو كان هذه المثل فرديا ويستخدم لحالات فردية لسكتنا على مضض ، لكنه للأسف حالة جماعية نمارسها شعبا وحكومات ، ونسمح لأنفسنا بممارسة الأخطاء والخطايا تحت شعار (عواس السم بذوقه).

الغريب أننا نصدق الأمر بسرعة ، ونفترض أن من يصنع السم يتذوقه ، وهذا ما لا افترضه على الإطلاق ..انما هو كلام يقال من اجل تبرير الخطأ..قد يتذوق عواس السم طبخته لمرة واحدة من اجل الحصول على قدر من المناعة ، لكن بالتأكيد لن يتذوق بقية طبخات السم التي يجهزها...يعني ان لعواس السم مبرر حقيقي لتذوق السم ، أما نحن فليس لنا أي مبرر حقيقي لسرقة اموال الآخرين .

مسؤولون ووزراء ومن دار حولهم ...تكتشف أنهم يمتلكون الملايين( المليارات احيانا) بعد التقاعد ..كيف يحصل ذلك ورواتبهم لا تزيد كثيرا عن ثلاثة أضعاف راتبي في الجريدة .. ولو حصلت على 3 اضعاف راتبي ، فلن اصبح مليونيرا على الإطلاق بل سأكتفي تماما ولن اضطر للإستدانة ، وربما سأشتري سيارة جديدة مثلا، أو ادخر 200 دينار شهريا على الأكثر.

انها الية (عواس السم بيذوقه) التي تشرعن لنا الفساد والإفساد.....!!

لا أملك الا أن اقول لهم على طريقة أبو عواد...شي غاد!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة