بدا الملك في لقائه مع فعاليات محافظة إربد، حانقا وغاضبا من أولئك الأشخاص الذين عملوا بخبث على تأجيج مشاعر الكراهية في الأردن، وإثارة الفتنة بين الناس. لم يكتف بتذكيرهم بإرث الأردنيين الطويل في التعايش، بل حذرهم بقوة، وكاد أن يسميهم بالواحد.
ليس تقليلا من حجم المشكلة حين نقول إن هناك رؤوسا حامية لا تتورع عن إشعال الحريق في البلاد. المسألة أعمق من ذلك. لكن الأقلية الشاذة تملك من الوسائل ما يمكّنها من جر الأغلبية للصدام.
وللأسف، فإن تلك الأقلية نجحت في افتعال مواجهة خطيرة في العالم الافتراضي ووسائله الإلكترونية، مستغلة أخطاء غبية ارتكبها البعض. ولولا التحذير الملكي الأخير، لاستمرت الأصوات النشاز في التصعيد والتأزيم، ولنقلتهما من العالم الافتراضي إلى الواقع الفعلي.
لقد أظهرت الأزمة الأخيرة أن لخطاب الكراهية بكل أشكاله، الدينية والطائفية والإقليمية، مريدين كثرا، يجهلون تماما أن بلادنا هي بحق جزيرة وسط منطقة تمور بالحروب الدينية والطائفية، يكتوي بنارها الملايين من الأبرياء.
كما بدا من تجارب أخيرة أن هناك قدرا خطيرا من التسامح والتساهل مع خطاب الكراهية، حتى من طرف السلطات الرسمية التي وصل بها الأمر أحيانا إلى مجاراة دعوات الكراهية والرضوخ لتوجهاتها.
في مجتمعات فقيرة بتجربتها مع الديمقراطية والحريات كمجتمعاتنا، تحولت وسائل الاتصال والتواصل الحديثة إلى لعنة عليها، ووسيلة من وسائل الهدم والبناء. صفحات 'فيسبوك' أصبحت منصات لنشر ثقافة بغيضة تمجد الكراهية والعنصرية، وتحقير الآخرين. من يرصد المحتوى اليومي لصفحات الأردنيين، سيصاب بالإحباط والخزي مما يطالع من تفاهات وسذاجات، يتناقلها الناس بوصفها حقائق خالصة.
ويأسف المرء عندما يرى أشخاصا يحسبون على النخبة والفئات المثقفة، ينشغلون بنشر أخبار تافهة، وأمور غاية في السخافة لحصد الإعجاب. والطامة الكبرى أن تجد بالفعل جمهورا عريضا من المعجبين بهذه الترهات.
بالطبع، مثل هذه الظواهر لا يمكن التخلص منها بـ'فرمانات رسمية'، أو بحملات توعية. إنها عملية معقدة وطويلة، وتتصل بمستوى التطور الاجتماعي، وتحتاج لسنوات من العمل الجاد لرفع سوية التفكير، وصولا إلى تكريس تقاليد عصرية للحوار والاختلاف.
لكن في الطريق نحو هذا الهدف، ثمة خطوات لا بد منها لاحتواء مظاهر التطرف والكراهية في مجتمعاتنا، من بينها التفكير بسن تشريع يحارب الكراهية، ويعاقب المتورطين في نشر أفكار تحض على الكراهية الدينية والإقليمية والجهوية.
التشريعات القائمة، كقانون العقوبات الأردني، تتضمن نصوصا بهذا الخصوص. لكن وضع قانون مستقل، يشكل بحد ذاته رسالة قوية من الدولة تؤكد من خلالها جديتها في محاربة هذه الآفة، ووسيلة تردع المعتاشين على الكراهية في المجتمع.
ينبغي العمل، وبكل الوسائل المتاحة، لنبذ ثقافة الكراهية وتجريمها، وملاحقة مروجيها، وإغلاق منابرها من دون رحمة.
إننا نمر بمرحلة خطيرة لا تحتمل الأخطاء، لا يجوز فيها ترك مهمة توجيه الرأي العام لنشطاء عابثين على 'فيسبوك'، ولمنابر إعلامية غير مسؤولة، وشخصيات تتاجر بكل القيم، لتحصيل المكاسب الشخصية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو