قرأت أمس التصريحات الصحفية للرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول عبدالكريم العلاوين، في سياق السجال الدائر حول شحنة الـ250 ألف أسطوانة غاز، والتي قرّر مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس د. حيدر الزبن، إعادة تصديرها لعدم اجتيازها الفحص المطلوب، ما يشكّك في سلامتها وصلاحيتها.
تصريحات العلاوين تشكّك، من ناحية، في مدى كفاءة الأدوات التي تمتلكها مؤسسة المواصفات والمقاييس لاختبار العيّنة، وفي الطريقة التي تمّ بها اختيار العيّنة التي فشلت في اجتياز الفحص في المختبرات الألمانية والبريطانية، وفقاً لما يقول هو إنّه تقرير تلك المختبرات.
بالضرورة، لا أنا ولا أغلبية الشعب الأردني مؤهلون، أو نمتلك الخبرة اللازمة لمناقشة التفاصيل الفنية التي يستخدمها كلٌّ من الزبن والعلاوين. ولا يدّعي أيٌ منّا أنّه يملك القدرة على الحكم والانحياز الموضوعي. لكن السؤال الذي يعنينا، نحن المواطنين، هنا حصرياً، وبالدرجة الرئيسة والأساسية، هو أن نشعر بأنّ هناك مسؤولين على درجة عالية من المسؤولية والنزاهة والوطنية والأخلاق والشجاعة، كي لا يمرّروا أي صفقات مشبوهة، ولا يخضعوا لضغوط أو يرضوا بعمولات، ويحمون المواطن وهو في بيته، فلا يشعر أنّه مهدّد بصلاحية طعامه، ولا بجرّة الغاز التي يركّبها على مدفأته أو يعدّ عليها طعامه، ولا بما يشربه من مياه.. إلخ.
تلك هي معركة كل مواطن أردني، معركتنا جميعاً. هذا بالرغم من الأهمية الكبيرة والقصوى لقضية أسطوانات الغاز؛ إذ إنّ عدم اجتيازها للاختبار يعني، باختصارٍ شديد، أنّ كلّ واحد منّا سيشعر أنّه يضع في بيته 'جهنّم'، وسيخرج ويعود، وهو يشعر بالرعب من أسطوانة الغاز التي لا غنى عنها. وتصوّروا لو أنّ الشحنة دخلت، وانفجرت بعض اسطوانات الغاز، لا قدر الله، ثم تبيّن أنّ هنالك شكوكاً كانت مطروحة بشأن صحّتها؛ ماذا سيكون ردّ الفعل الشعبي، وبمن سيقبل الشارع، هذه المرّة، ليكون 'كبش فداء'؟!
مرّة أخرى، أسطوانة الغاز المشكوك في صلاحيتها، حقّاً، هي الثقة بين الدولة والمواطن. والشجاعة التي تحلّى بها الزبن أعادت الثقة لشريحة واسعة من المواطنين، بأنّنا من الممكن أن نرى مسؤولين من هذا الطراز؛ يقفون بالمرصاد لحمايتهم والدفاع عن الوطن. وتشدّده في القضية يؤخذ على المحمل الإيجابي الصحّي. وهو ما يجب أن ينعكس تقديراً واحتراماً من الحكومة والمعنيين، ونحن نعلم أنّ الأمر متابع من أعلى المستويات، منذ اليوم الأول للنشر.
المفارقة هي أنّ الغائب الأكبر كانت، كالعادة، الحكومة، التي تمثّل المرجعية الإدارية والقانونية للدكتور الزبن. وربما ما حال بينها وبين التدخل، هو الخشية من تفسير ذلك بوصفه ضغوطاً على المؤسسة. وهذا هاجس مبرّر. لكن المطلوب من الرئيس على المدى القريب والفوري، خطوتان رئيسيتان: الأولى، حماية مدير المواصفات والمقاييس والتأكيد على الوقوف إلى جانبه في أداء دوره؛ ومن ثمّ دراسة المشكلة في أبعادها المختلفة بالتشاور مع الزبن، والتوصل إلى نتائج توافقية، تمرّ عبر لجنة تشرف عليها المواصفات والمقاييس، ولا يكون هناك أي تدخّل لشركة المصفاة فيها، ولا من هم 'مظنّة' النفوذ والمصالح المرتبطة بالأمر.
نريد شخصيات مثل الزبن وهايل عبيدات (مدير مؤسسة الغذاء والدواء) وغيرهما، ممن قد لا نعرفهم، ويمتلكون المصداقية والنزاهة والشجاعة، ليعيدوا بناء الثقة في العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطن.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو