ثمةَ ما تغيرَ فينا، حتى بدأنا نعرف كيف نضحك على أنفسنا، وأن نثأر لأوجاعنا بالإبتسامة، وأن نتقن مثل باقي الشعوب التي سبقتنا على هذا الدرب ,كيف نصنع لهزائمنا غطاءً ندرك أنه من صنع أيدينا ثم نمعن في طاعته.
تغيرنا إلى أن أصبحت النكتة المتلمسة للألم واحدة من أدوات دفاعنا عن ما تبقى منا ومن كراماتنا ,ودرعاً نتصدى به للأخبار السيئة، ونحن الذين كنا بالكاد نبتسم للخبر الجيد.!
ما فعله الأردنيون حيت تلقفوا الأهداف الستة في موقعة طوكيو المُذهلة هو أبلغ رد على حجم الدعابة التي اكتسبناها بسعة صدر لم تُعرف عنا من قبل، وهو أيضاً ردنا على خيبة الأمل التي تُزيد كل يوم المساحة بين سقف توقعاتنا وحقائق الأمور على الأرض.
'هوندا' ذلك اللاعب الياباني (الآلة) حفزنا لعشرات النكات والطرائف التي أظهرت خصوبة لافتة في كوميديا الناس، وفي فن الإبتسام الخارج من الألم، تماماً مثل تجاربنا مع مسؤولينا وحكوماتنا وقراراتها التي أتت أو تكاد على حياتنا لكنها زادتنا سُخرية.
تأثرنا بأشقاءَ عرب عرفوا فن النكتة في مواجهة قروع الحياة وهموم السياسة ولقمة العيش، وبتنا نعرف أن الأزمات التي لا قِبلَ لنا عليها، لا تحتمل سوى 'التنكيت' والضحك على النفس، وهو ما يبدو خنوعاً واستكانة، لكن أولئك المتحفزين دوماً لقهرنا لم يدركوا بعد أن هذا الذي يدعونه 'تنفيساً' يزيدنا خبرة وقوة.
يميل الدارسون المتحفزون أيضاً لتفسير هذه الظواهر الجديدة في المجتمع الأردني للتأكيد أن الضحك الذي يساعد على إفراز هرومونات السعادة هو أفضل الوسائل التي نتسلح بها لمواجهة أزماته، ما يشي بان الأردنيين قد دخلوا مرحلة التفكير الإيجابي أو ما يصفها الآخرون أكثر واقعية 'بالخمول'.
فكيف إذن لدراسات علماء الأجتماع والنفس بشأن ظاهرة صناعة النكتة في الأردن، أن تقتعنا بأن الضحك المتولد من هذه الظاهرة من شأنه التأثير على دماغنا وتوسيع أوعيتنا الدموية وعضلات قلوبنا، فيما نحن كل ساعة في مواجهة قرارٍ حكومي أو خبرٍ محبط أو تصريحٍ مطاطي لمسؤولٍ يخبط دماغنا ويأتي على أوعيتنا الدموية والعصبية وعضلات قلوبنا..
فمن ذا الذي يمكنه أن يتابع مجلس النواب (المُنتخب) الذي من المفترض أن يمثلنا ويعمل لنا وأن يأخذ صفنا في صناعة التشريعات وبناء القوانين ومراقبة الحكومة والمال العام.. ويكون بهذا الأداء، ولا يبتسم أو يطلق النكات التي ملأت الأجواء منذ جلسات الثقة الشهيرة، والأرقام المُبهرة، ثم جلسات البراءة والقوانين والتشريعات المعروفة..؟!
إرحموا عضلات قلوبنا اذن ..!
وأرحموا أدمغتنا، فعشرين بالمئة منا تقريباً يعاني من إضطرابات نفسية، فيما أربعة وخمسون ألفاً يراجعون عيادات نفسية بسبب 'ضغوط' تؤدي إلى الإكتئاب والقلق.. والسبب أن المواطن أي نحن، عليه أن يتهيأ أمراً وطاعة لقرارات الأسعار وتلاعب أصحاب المحطات وسائقي الصهاريج وأن يشتري ادوية وأغذية منتهية الصلاحية وأن يتحمل خطابات النواب وسعة كرمهم في الثقة وأن يأكل مما يعاد نبشه من المكبات، وأن يلتزم بالدور فيما الواسطة والمحسوبية تنهشه ,وأن يتلقى صفعات رفع رسوم المدارس والجامعات وأن لا يحلم بإصطحاب أطفاله إلى ما يقولون عنه 'البحر الميت' بسبب إحتكار أصحاب الفنادق وأسعارهم الفلكية وان يحتمل 'خفة دم' المسؤولين ووعودهم ويتعايش مع أزمة المياه والكهرباء في الصيف وأن يسامح إذا ما تعرض لخطأ طبي أو فاتورة مستشفى خيالية.
علينا أن نحتمل كل هذا وأكثر.. ثم علينا أن نضحك ونطلق النكات التي بدأت الحكومة بجمعها من الشوارع على نمط حكومات عربية سبقتها بذلك وأن نبتسم 'فنحن في الأردن' وأن نصوت للبتراء في مسابقة عجائب الدنيا حتى نعجز عن دخولها لاحقاً وأن نفرح لفرح الحكومة ونغني لها..
يقال إن الأردنيين جاؤوا في دراسة ,في المرتبة الثانية عربياً من حيث درجة الرضا عن الحياة وسنوات السعادة.. ألا يفتح هذا شراييننا أكثر..؟!!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو