الأحد 2024-12-15 21:38 م

كيف نستعيد الأردنيين من «داعش»؟!

07:01 م

إحدى الجبهات الهامة في حربنا على التطرّف والإرهاب عملية استعادة الأردنيين المختطفين من عقولهم لمصلحة عصابة داعش وأمثالها، فإذا كنّا على قناعة بأن هذه العصابة ستفقد التماسك في المرحلة المقبلة فإن الأردنيين الملتحقين بها أو الحاملين لفكرها هم أردنيون سنبقى نحمل عبء تطرفهم سواء كان علناً أو سراً .


والأردنيون في هذا المجال ثلاث مجموعات، الأولى أولئك الملتحقين بداعش وأمثالها في سوريا والعراق، ونتحدث هنا عن أرقام نسمعها من جهات عديدة بأنهم ما بين 1500- 3000 شخص, قتل منهم عدد لا ندري كم هو والباقون يتبعون تنظيمات الاٍرهاب، وهنالك من هم في السجون والذين صدرت بحقهم أحكام بتهمة الترويج أو التجنيد أو الالتحاق بعصابات التطرّف، والمجموعة الثالثة هم الصامتون الذين لا يعلنون مواقفهم ولديهم انحياز لهذا الفكر، وبعضهم ربما يحاول الالتحاق بالعصابة عبر حدود دول نعلمها.

وما هو مؤكد أن ما جرى في جريمة قتل الشهيد معاذ أحدث ردة فعل داخل أشخاص من المجموعات الثلاث على حساب قناعتهم بالتنظيم وأفكاره، وأيضاً ما تتعرض له عصابة داعش من ضربات وما سيحدث لها في المراحل القادمة سيفتت هذه المجموعات، وبعضهم من الموجودين خارج الأردن ستضيق بهم الأرض ولن يجدوا خياراً في العيش، ومصلحتنا جميعاً أن نضعف حالة الانحياز لعصابات التطرّف ففي هذا حماية لشبابنا وأيضاً حماية لأمننا الداخلي.

في تجارب عديدة حولنا لتنظيمات التكفير والهجرة كان هناك عمليات مراجعة تتم في السجون من أعضاء هذه التنظيمات لمواقفهم وأفكارهم، وكثيرون ممن نراهم اليوم في مصر يمارسون العمل السياسي السلمي كانوا أعضاء في جماعات متطرفة، ومن الضروري العمل بمسار فكري لنقاش كل ما يحمله هؤلاء من أفكار سواء من كانوا في السجون أو خارجها، ففكرهم مهما كان متشدداً إلا أنه ضعيف هش أمام النقاش العلمي .

وهناك منهم من يبحث عن طريق للعودة للحياة الطبيعية بعدما عاشوا تجارب خاصة عرفوا فيها حقيقة هذه العصابات لكنهم يخشون من تركها حتى لا يتعرضوا للقتل أو خوفاً من العودة خوفاً من العقوبات، وهنا من الممكن فتح مسار آمن لهذه المجموعات سواء من كانوا في الخارج أو حتى من هم في السجون.

نعلم جيداً أن فيهم مجموعات تحمل حقداً سياسياً تغلِّفه بتطرف ديني، وهناك من هم منحازون تماماً للتطرف وعصاباته، لكن منهم أشخاصاً ذهبوا في هذا المسار بقناعات سطحية أو تحت مشاعر انفعال أو لأسباب لا علاقة لها بالفكر والدين، ومهما كانت تصنيفاتهم فإن هذا لا يلغي ضرورة المراقبة الأمنية المشددة لكل المجموعات إلى أن يثبت صدق مراجعتها لفكرها وعودتها للرشد والاعتدال.

الأمر ليس سهلاً لكنه ضروري فنحن لا يمكننا أن نتجاوز حقيقة وجود هذه الأعداد من الأردنيين، ونعلم أن من هم بيننا في السجون أو خارجها يمكن أن يشكل استمرارهم في هذا الفكر خطراً أمنياً وفكرياً، وحتى من هم في صفوف عصابات التطرّف فالعودة خيار مجموعات منهم ولو بعد حين.

إستعادة الأردنيين من صفوف عصابات الاٍرهاب جزء رئيس من عملية مكافحة الاٍرهاب، وأيضاً جزء من التعامل الفكري مع ظاهرة التطرّف، وإعادة مجموعات منهم عن تطرفهم سيكون مفيداً في ردع بعض من يَرَوْن في التطرّف تديناً وخدمةً للإسلام، والأمر يحتاج إلى استثمار أهل العلم والفكر وفتح أبواب اتصال وتواصل مع من هم داخل هذه العصابات مع الإستمرار في الحذر فمهما كانت نسبة النجاح فإنها ستخدم أجيالنا وأمننا وتعزز الفكر الوسطي المعتدل، وما بين التواصل مع من هم في صفوف داعش وأمثالهم أو من هم في السجون أو الآخرين الصامتين منهم ويعيشون بيننا عملية ليست سهلة لكنها ضرورة وأي نجاح فيها أمر نحتاجه.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة