الخميس 2024-11-28 13:49 م

لرجال الأمن نرفع القبعات

02:42 م

اليوم، تتعاظم التحديات والضغوطات التي تتعرض لها الأجهزة الأمنية، بما يستدعي مساندتها بأوجه مختلفة من الدعم لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.

خلال العام الحالي، استشهد خمسة من رجال الأمن خلال قيامهم بواجبهم، بعد أن تعرضوا لإطلاق نار أودى بحياتهم. وآخر هذه الهجمات كانت فجر أول من أمس، عندما تفاجأت إحدى الدوريات الخارجية، على مثلث صما-إربد، بإطلاق كثيف للعيارات النارية، أدى إلى استشهاد النقيب جمال الدراوشة، والعريف أسامة الجراروة.
الظروف المحلية، كما الإقليمية، ضاعفت من المصاعب التي تواجه كل رجل أمن. وقد نتج ذلك، بداية، عن قرار الدولة -الضروري والذي لا بديل عنه- ببسط سلطة القانون وإنفاذه بحق كل المخالفين خصوصاً، خلال الفترة الماضية. إذ ترتب على هذا الأمر خلق عداءات كبيرة لرجال الأمن من أصحاب الأسبقيات الذين كانوا يسرحون ويمرحون في فترات سابقة، شهدت تراخيا رسميا في تطبيق القانون؛ حين سادت عقلية ترفض المواجهة مع هذه الفئة تجنبا للصداع، لكن بما أدى إلى تزايد عددهم واستقوائهم على المجتمع والدولة في آن.
التحديات نجمت عن أكثر من قرار رسمي شجاع، فمنها أيضا الحملة المنظمة على البؤر الساخنة التي طالما كان محظورا على الأمن دخولها، خشية من مطلوبين وسارقي سيارات وتجار مخدرات، أرهبوا الجميع لدرجة أنهم بنوا لأنفسهم ما ظنوها قلاعا عصية على رجال الأمن، بسبب غض النظر عنها سنوات طويلة.
إهمال ملاحقة تجار المخدرات ومنتجيها، جعل هذه الآفة تنتشر في مجتمعاتنا إلى حدود خطيرة، حتى يكاد يصعب السيطرة عليها، وهي التي تهدد استقرارنا الاجتماعي، وتدمر شبابنا بعد تفشيها بينهم في المدارس كما الجامعات.
الحملة على المخدرات وتجارها بدأت تؤتي أُكلها؛ إذ بحسب ما أكد وزير الداخلية الذي يتابع كل هذه الملفات الثقيلة، صار جهاز مكافحة المخدرات من أقوى الأجهزة الأمنية في الأردن، بحيث تمكن من القضاء على 98 % من مزارع هذه الآفة القاتلة في الأردن.
البعد الثالث الذي يثير مخاوفنا على رجال الأمن، إذ يجعلهم عرضة للتهديد والخطر، ليس فقط الحرب المفتوحة التي يخوضها الأردن ضد التنظيمات الإرهابية في الخارج منذ سنوات، بل كذلك وجود العديد من أنصار هذه التنظيمات بيننا، ما استدعى تعاظم الجهود الأمنية لحماية الوطن منهم ومن أفكارهم الظلامية.
لكل هذه الأسباب، يتعاظم عطاء الأجهزة الأمنية ورجالاتها، مقدمين جهودا استثنائية في حماية أمننا واستقرارنا وسلامتنا. لذلك، ورغم فجوة الثقة الكبيرة بين الأردنيين ومؤسساتهم المختلفة، تبقى الثقة بهذه الأجهزة راسخة، بل وتتعمق بمرور الوقت.
في ظل تعاظم التهديدات، ومضي الدولة في تطبيق القانون على الخارجين على القانون خصوصاً؛ وهو الهدف النبيل والضروري لاستعادة هيبة الدولة، يبدو ملحّا السعي إلى توفير مزيد حماية لأفراد المؤسسات الأمنية وتحصينهم من الأذى.
وحتى لا تتكرر الحوادث، وحتى لا نخسر مزيدا من رجال يسهرون على حماية أمننا، كما أنهم قبل ذلك وبعده أبناؤنا وأشقاؤنا، فإن تنفيذ الهدف يحتاج إلى رؤية جديدة، توفر الممكن من أدوات وسيارات حديثة وأجهزة اتصال متطورة، فلا تحدث اختراقات مشابهة مستقبلا تفقدنا واحداً من حراس سكينتنا على كل الجبهات.
لا شيء يقلق الأردني أكثر من الاعتداء على أمنه واستقراره، ولا يستفزه أمر أكثر من الاعتداء على رجال المؤسسات الأمنية. وربما لو كانت التجهيزات أفضل، لما تمكن القتلة من تنفيذ حادثة صما البشعة.
لكل النشامى حماة الوطن نرفع القبعات.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة