الأحد 2024-12-15 20:48 م

"لغز" مخالفات السير!

12:07 م





خلال الأسابيع الماضية فقط، سُجِّل بحقي العديد من مخالفات السير، بدعوى الوقوف الخاطئ، أكثرها كان من أمام مكتبة 'الدار الأهلية' في وسط البلد، عندما كنتُ أركنُ سيارتي بجانبها؛ حيث لا يوجد أي مكان آخر للاصطفاف، أو مساحات قريبة للاصطفاف القانوني!


في واقعة أخرى، كنتُ أجلس في سيارتي إلى جانب الطريق، أقرأ في هاتفي الشخصي استعداداً لمشاركة تلفزيونية، لأفاجأ بشرطي السير يخالفني. فاستفسرتُ منه عن السبب؛ وأنا موجود داخل السيارة، وأقف بجوار الشارع. فكانت حجّته أنه لم يرني، لأنّ أشعة الشمس ساطعة، وأنّه كان يتوجب عليّ المغادرة بالسيارة عندما رأيته يخالف المركبات الأخرى. فتفاجأت بهذا المنطق، وقلتُ له: هل أنا أقوم بالسرقة كي أهرب منك!

على أيّ حال، هذه أمثلة قليلة من ملاحظات كثيرة بدأت تتدفق على مواقع التواصل الاجتماعي عن التشدد المفاجئ لدى إدارة السير في موضوع المخالفات، بخاصة ما يتعلق بالوقوف الخاطئ، حتى بدا الأمر وكأنّه 'لغز' بالنسبة لكثير من الناس.

من ذلك، ما كتبه الصديق غيث القضاة على صفحته على 'فيسبوك' الأسبوع الماضي، إذ قام رقباء السير بمخالفة عشرات، بل مئات السيارات، داخل حدائق الحسين، للذين يقفون على جانبي الطريق الداخلي! علما أن المواقف الداخلية كانت مزدحمة تماما، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الوقوف في الشوارع الخارجية الرئيسة المحاذية للحدائق. أين سيقف الناس إذن؟

'جميع الذين جاؤوا للراحة ذلك المساء، خرجوا وهم (غاضبون)، فكيف تتم مخالفة جميع السيارات في داخل الحدائق، وهم لا يُشكلون أزمة سير بأي حال من الاحوال! أين سيذهب الناس في وسط هذا الاختناق المروري؟'!

الملحوظة السابقة تنطبق تماماً على الحال في الأسواق بوسط مدينة عمان؛ إذ هناك مطاعم ومقاه ومحال تجارية ومكتبات تصارع حالة 'الركود'، وتواجه أزمة حقيقية بشأن مواقع اصطفاف المركبات المحدودة جداً، بالرغم من أنّهم جميعاً دفعوا لأمانة عمان رسوماً كبيرة على مواقع الاصطفاف. فتطبيق القانون بهذه الشدة مع غياب البدائل الواقعية ومحدوديتها، سيدفع كثيرين إلى تجنب النزول إلى وسط البلد، في ظل أيضاً غياب البديل الأكثر أهمية وهو وسائط النقل العام الحضارية!
ما نطلبه، إذن، ليس التهاون في تطبيق القانون، بل الواقعية والنظر إلى الموضوع من زواياه المتعددة، سواء في وسط البلد أو في أماكن أخرى.

المفارقة الأخرى التي تتعلّق بالموضوع نفسه، تتمثل في الانتقائية في تطبيق القانون، وعدم وجود 'مسطرة واحدة'؛ إذ هناك أماكن متخمة بشرطة السير، وأماكن يندر فيها وجود الشرطة، وتشديد في جانب وتراخٍ في جانب آخر!


كيف؟!
من يسير في مركبته، مثلاً، في امتداد شارع وصفي التل في خلدا، باتجاه دابوق، سيجد سوقاً تجارية ومخبزا، دائماً مزدحمين بالسيارات التي تقف على جانب الطريق، وتعيق سير المركبات الأخرى، وجميعها مخالفة. لكنني (وأنا أسكن في تلك المنطقة) نادراً ما أجد من يخالف هذه المركبات، بالرغم من أنّ شرطة السير في العادة تقف بالقرب من هذا المكان!

مثال آخر مستفز جداً لي. إذ تعرّضت في إحدى المرّات لمخالفة مرورية، لوقوفي بجوار مطعم فقط لإحضار وجبة طعام، بينما كان الشرطي الذي خالفني يشاهد معي موكباً من السيارات (فاردة) يسير بصورة مخالفة لكل معايير السير ويغلق الشارع من جهات متعددة، لكنّه وقف ساكناً بلا حراك!

مرّة أخرى أنا مع تطبيق القانون، وأحترم ذلك، وأعتزّ بأنّ يطبق بصورة دقيقة وأن يلتزم به الجميع. لكن في موضوع مخالفات السير نحن بحاجة إلى حوار منطقي وصريح، في ضوء بعض القصص والملاحظات السابقة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة