السبت 2024-12-14 05:38 ص

مؤتمر القمة تكريس للنظام العربي

07:29 ص

في كل مرة ينعقد فيها مؤتمر قمة عربي يرتفع منسوب التوقعات قبل انعقاد القمة ثم تحدث خيبة أمل وإحباط بعد أن تتمخض القمة عن بيان فضفاض يكتبه الفنيون ويصدره الملوك والرؤساء. وهو بيان قد تكون له أهمية إعلامية، ولكنه ليس برسم التنفيذ.


المبالغة في التوقع، ومن ثم المبالغة في الخيبة، لا تخدم غرضاً سوى تخفيض الروح المعنوية وإضعاف التوجه القومي.

انعقاد قمة عربية سنوياً عمل هام استراتيجي، ليس فقط من حيث أنه قد يسفر عن قرارات هامة، بل من حيث أنه يؤكد وجود نظام عربي أصبح وجوده محل شك، وهذا الإثبات لازم عربياً وعالمياً في عصر يسود فيه التشكيك والاحباط.

تعرض النظام العربي لنكسات عديدة بعضها كاد يكون مصيرياً، كما حدث بعد هزيمة حزيران 1967، زيارة السادات لإسرائيل وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، احتلال العراق للكويت، وأخيراً الربيع العربي الذي زعزع تونس ومصر وليبيا وسوريا.

لم يصمد النظام العربي بالصدفة، بل لأنه يملك مقومات النظام: وحـدة اللغة، التاريخ المشترك، الاتصال الجغرافي، المصالح الاقتصادية المشتركة، ووحدة الاخطار الخارجية سواء جاءت من دول الجوار الطامعة أو دول الغرب المستعمرة.

هذا النظام العربي قابل للتطوير من مسـتوى جامعة إلى مستوى الاتحاد العربي، أي تحويله إلى كونفدرالية يمكن أن تتطلع إلى الاتحاد الأوروبي كقدوة، علماً بأن دول الاتحاد الأوروبي لا يجمع بها مثل ما يجمع بين الشعوب العربية.

الاتحادات الشاملة التي يعرفها عالم اليوم تقوم إما بدافع المصالح المشتركة مثل الاتحاد الأوروبي، وإما بدافع المخاطر المشتركة، مثل حلف الأطلسي.

في الحالة العربية لا تتوفر المصالح المشتركة والتكامل الاقتصادي فقط بل تتوفر المخاطر المشتركة أيضاً، التي يمكن أن نراها في قلب الوطن العربي (إسرائيل) وفي غربه (الاستعمار) وفي شرقه (إيران) وفي شماله (تركيا) وفي جنوبه (إثيوبيا).

قبل ستين عاماً زار المؤرخ الانجليزي توينبي المنطقة وقال في ختام زيارته إنه يتوقع قيام الوحدة العربية خلال خمسة عشر عاماً.

توينبي لم يكن في معرض التنبؤ أو التمني، بل قرأ الواقع الملموس، والعوامل المشتركة التي تجعل الوحدة العربية تحصيل حاصل.

الامور للأسف لم تسر بهذا الاتجاه، لكن العوامل التي دفعت هذا المؤرخ الانجليزي إلى هذا التوقع ما زالت قائمة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة