الإثنين 2025-03-03 16:11 م

ما الذي حصل للإدارة الأردنية؟

11:27 ص

لا ینقطع الحدیث عن سوء ادارة الازمات أو سوء ادارة الموارد المتاحة، وفي بعض الاحیان یثور تساؤل مشروع ھل العیب في نقص الموارد او عدم القدرة على ادارتھا بالشكل الفعال الذي یعظم المنافع، والى متى یستمر ھذا الواقع الذي من الواضح انھ لا یتحسن مع مرور الوقت.

ضمن ذات السیاق لا تتوقف الشكوى عن الكیفیة التي نتعاطى بھا مع المستثمرین والوقت اللازم لانجاز المعاملات، وترتیب الاردن في الكثیر من مؤشرات اداء الأعمال وكفاءة الحكومة، وھناك كلام معسول حول التحسن لكن ذلك لا یترجم الى سیاسات واقعیة، مما یعني ان الأردن یبذل جھودا على اعلى المستویات لنقل صورة ایجابیة عن جاذبیة الأردن لكن الواقع یخالف ذلك مما یضعف الثقة بالحكومة.

وعندما نجالس بعض من عملوا في الإدارات الحكومیة السابقة لعقود خلت، دائما ما یتم الحدیث عن الاداء المتمیز لبعض موظفي وموظفات الدولة الذین نفتقدھم الآن حیث كانت بعض الفئات تجمع ما بین الولاء والكفاءة لرفع سویة العمل العام ومن الواضح ان معاییر الكفاءة خلال السنوات الماضیة تراجعت لحساب ما نصفة بالواسطة والمحسوبیة وتراجع معیار الكفاءة لصالح معاییر اخرى ساھمت بالحد من قدرة مؤسسات القطاع العام بما ذلك الخدمیة منھا على الاستجابة للمستجدات والتحدیات، سواء ما یتمثل منھا بالأزمات التي تتطلب قرارات سریعة ومرونة، او ما یتعلق بتوظیف ادوات تكنولوجیة جدیدة تعزز الكفاءة.

من خلال تجربیتي الشخصیة لا انكر وجود بعض المتمیزین في القطاع العام، وبرأیي فإن ھذه الفئة ھي الوقود الذي یسیر الدولة، ھؤلاء المتمیزون ذوو الكفاءة یعملون وسط بیئة غیر مریحة، ولیس بالضرورة انھم یكافؤون بالشكل اللائق، لا بل احیانا تتم محاربتھم، ومن یتخذ منھم قرارا او یجتھد في بعض القضایا لا یجد من یھب لنجدتھ او الدفاع عن اجتھاده، ولعل الكثیر من القضایا التي تثیرھا بعض اجھزة الرقابة المالیة والادرایة تحبط ھذه الفئة التي ترى ان قلة الاجتھاد تجنب المتاعب، بذلك تنضم ھذه الفئة النشطة الى المجموعة الكبرى التي تفضل النأي بالنفس عن اتخاذ القرارات.

واذا اردنا تلخیص جملة من الاسباب التي ادت الى تراجع اداء الادارة الأردنیة بشكل عام یأتي في مقدمتھا الخلل الكبیر في التعیینات والاسالیب البالیة التي ظل یوظفھا دیوان الخدمة المدنیة، ثاني الاسباب یتعلق بالخلل في نظام الحوافز والعقوبات والذي یھدف الى حمایة الموظف من ”تعسف“ صاحب القرار، وھذا ساھم الى حد كبیر بانتشار الكثیر من اللامبالاة، یضاف الى ذلك السرعة في التغیرات التي تطال رأس الھرم الادراي .

ثالث الاسباب ھو القدرات المحدودة عند الموظفین على استیعاب المتغیرات لا سیما التكنولوجیة منھا في الكثیر من المفاصل، ولعل ھذا یفسر استمرار الحدیث عن الحكومة الالكترونیة التي لم تر النور في الحقیقة باستثناءات محدودة.


 

یضاف الى كل تلك الاسباب حقیقة ان الاقتصاد الأردني بات یخضع لمنظومة متشابكة ومعقدة من التشریعات والانظمة التي فیھا الكثیر من تداخل الصلاحیات وضبابیة الرؤیا والتي تساھم مرة اخرى بأن یصبح ھناك اتكاء على الآخرین لتنفیذ المھام.

یسعى الأردن بعد مؤتمر لندن لتبني روایة جدیدة تقوم على تعزیز النمو من خلال تحسین الاداء وزیادة الفعالیة، ودون اصلاح حقیقي للإدارة العامة، یكاد یكون ھذا الوضع مستحیلا، وترتیب الأردن في معیار الكفاءة الحكومیة، ونوعیة التشریعات والمساءلة لا تزال متدنیة. وھذه مھمة محلیة تحتاج جھودا ذاتیة، بغیر ذلك فإن افتراض ان الادارة الحالیة ضمن نفس المعطیات قادرة على احداث التغییر ھو افتراض خاطئ.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة