الأحد 2024-12-15 20:28 م

ما علاقة المعاهدة بالتجسس ؟

09:49 ص

استغرب بعض المعلقين أن يستمر تجسس إسرائيل على الأردن بعد توقيع معاهدة السلام. وهم يعتقدون بكل طيبة قلب أنه كان على إسرائيل أن تعترف من تلقاء نفسها بأجهزة التجسس التي دفنتها في الأراضي الأردنية وتبادر إلى تدميرها احتراماً لحالة السلام بين الدولتين.

لم يكتفِ هؤلاء بهذا الخطأ الجسيم بل انتقدوا من فاوض ووقـّع على المعاهدة لأنها لم تعالج عمليات التجسس الإسرائيلية ولم تستدرك هذه الناحية الحساسة بنصوص مناسبة.
كل هذا خطأ لا يخلو من السذاجة، وقع فيه معلقون أذكياء، فالمعاهدة - لعلمهم- جاءت لإنهاء حالة الحرب وتطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية، وليست معاهدة صداقة أو تحالف أو دفاع مشترك.
وحتى لو كان هناك تحالف بين الأردن وإسرائيل، وهذا افتراض غير وارد، فإن ذلك لن يحول دون تجسس طرف على آخر، فالحلفاء يتجسسون على بعضهم، ولم يفاجأ كثيرون عندما فضح (سنودن) أمر التجسس الإلكتروني الاميركي على جميع دول العالم بما فيهم حلفاء أميركا الأوروبيون، والسطو على اتصالاتهم. بل إن الأمر وصل لدرجة اختراق الهاتف الشخصي للمستشارة الألمانية أنجلي ميركل، مما جعلها تستشيط غضباً ولكنها لم تلم سوى مخابراتها التي لم تستطع حمايتها. مسؤول أميركي برر التجسس على ميركل بالقول انه للتأكد من أنها تقول عنا في السر ما تقوله لنا في العلن!.
مصر ترتبط مع إسرائيل بمعاهدة سلام، ومع ذلك جرى ضبط عدة جواسيس لإسرائيل في مصر بالرغم من المعاهدة، بعضهم ما يزالون في السجون المصرية. وإذا لم ُيضبط جواسيس لإسرائيل في الأردن كما كان يحدث في الخمسينات، فلا يعني ذلك أنهم ليسوا موجودين. ومن يستطيع أن يجند 29 جاسوساً في غزة (على ذمة حماس) لن يعجز عن تجنيد جواسيس في كل بلد عربي.
يجب أن لا ننسى في هذا المجال أن إسرائيل تجسست على أميركا نفسها وسرقت شيفرة اتصالاتها العسكرية وما زال جاسوسها (بولارد) في السجون الأميركية منذ سنوات عديدة.
الدول العربية الشقيقة تتجسس على بعضها، بل إن مخابرات بعض الدول العربية تتنصت على هواتف كبار المسؤولين في بلادها خوفاً من المفاجآت. وكل شيء ممكن في غياب الثقة.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة