الإثنين 2024-11-25 02:29 ص

ما كنا ننتظره مـن إيـران !!

08:36 ص

بعد توقيع الاتفاق النووي بينها وبين مجموعة (1+5) لم يبدر عن إيران, وحتى عن الاتجاه الذي يعتبر نفسه معتدلاً ووسطياً.. وأيضاً «ليبراليا» الذي يتزعمه رئيس الجمهورية الإسلامية حسن روحاني, ما يشير إلى أنها ستفتح صفحة جديدة وأنها ستستبدل سياسة التصعيد والتوتير السابقة وبخاصة تجاه العرب وتجاه دول هذه المنطقة القريبة والبعيدة بسياسة الاعتدال والتعاون والمصالح المشتركة ووضع حدٍّ لاستفزازات الأعوام السابقة وللتطلع إلى ما وراء الحدود الإيرانية وزعزعة استقرار العديد من الدول العربية .

المفترض إنَّ إيران, بعد توقيع هذا الاتفاق, قد تخلصت من عبءٍ ثقيل مالياً وسياسياً وعسكرياً وجهداً.. ووجع رأس وإشكالات ومشاكل مع العديد من دول هذه المنطقة ومع معظم دول العالم المقتدرة والفاعلة والمؤثرة ويقيناً إنه كان منتظراً من القيادة الإيرانية العليا وعلى رأسها السيد علي خامنئي أن تتنفس الصعداء بمجرد توقيع الاتفاق النووي وعلى أساس أن كل الإمكانيات الإيرانية يجب أن توظف لرخاء الشعب الإيراني وللانتقال به من واقع القرون الوسطى إلى معطيات القرن الحادي والعشرين ولتوفير كل ما تحتاجه الأجيال المقبلة التي بالتأكيد أن متطلباتها ستكون أكثر كلفة من متطلبات الأجيال الحالية .
والسؤال الذي يجب أن يوجهه المعتدلون, الذين لا يُخضعون حاضر بلدهم ومستقبله لإشكالات ومشاكل وخلافات العصور الغابرة والذين من المفترض أنهم يتطلعون إلى الأمام وليس إلى الخلف, إلى أصحاب الرؤوس الحامية الذين تستبد بهم نزعة «الثارات التاريخية» المفتعلة والموهومة هو: ما حاجة إيران يا ترى للقنبلة الذرية حتى يتم استنزاف كل الإمكانيات الإيرانية من أجل الحصول عليها وحتى يُقحم هذا البلد بكل هذه المواجهات وكل هذه الصراعات وكل هذا التوتير مع العديد من الدول العربية التي من المفترض أنها «شقيقة» تحت ضغط نزعة تحول الجمهورية الإسلامية إلى دولة نووية ؟!
كان المتوقع أنْ يبادر السيد علي خامنئي بمجرد التوصل إلى الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة وشركائها إلى الإعلان عن «تصفير» الخلافات مع الدول العربية وتوظيف كل الجهود, جهود العرب وجهود إيران, لمواجهة التحديات الصعبة التي تواجه الطرفين وأولها الإرهاب الذي بات يخبط خبط عشواء في المنطقة كلها ثم الأوضاع الاقتصادية المتردية ثم الأمراض القاتلة التي يعاني منها التعليم وتعاني منها التنمية ومواجهة غول التصحر الزاحف على باقي ما تبقى من المناطق الخضراء .
لكن مرشد الثورة وللأسف بدل هذا كله بادر فور توقيع الاتفاق النووي إلى إطلاق تلك التصريحات النارية التي قال فيها أن إيران ستبقى تتمسك بمواقفها الحالية وأنها لن تغير شيئاً وأنها ستبقى تدعم «المستضعفين» في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين !!
نحن نعرف أن أصحاب الرؤوس الحامية في إيران, والمفترض أن السيد علي خامنئي رغم تصريحاته المشار إليها آنفاً ليس من بينهم, لا يفهمون هذا الكلام الذي نقوله وأنهم لمصالح يتداخل فيها الشخصي بالعام الوهمي والموهوم مع الاستمرار بالتصعيد مع الدول العربية المجاورة والبعيدة ومع مواصلة تطلعاتهم غير الموضوعية بأن تصبح الجمهورية الإسلامية الرقم الرئيسي في المعادلة الشرق أوسطية وأن تستعيد ما يعتبرونه أمجاد فارس القديمة وهذا معناه المزيد من الاستنزاف للقدرات والإمكانيات الإيرانية والمزيد من المواجهات والحروب المدمرة وكل هذا سيكون على حساب لقمة عيش الإيراني البسيط وعلى حساب دفاتر الأطفال الإيرانيين وأقلامهم وعلى حساب مستقبلهم .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة