الجمعة 2024-11-15 07:40 ص

ما مصير الإدارة بعد هذه الهوشات؟

07:30 ص

حدث طريف، لم يبعث في نفوس الناس سوى مزيد من الإستهجان ..ولا نعلم ما مصير إدارة الشأن العام بعد مثل هذه الأخطاء !



قبل أشهر؛ كتبنا هنا استهجانا لموقف نائب دخل إلى مكتب أحد الوزراء عنوة، فتركه الوزير بل وترك المكتب، وقلنا بأنه موقف غير صحيح من النائب، على الرغم من أننا نتحدث عن نائب انتخبه الناس، ومن الطبيعي أن يكون على طرف خلاف او مناكفة مع وزير أو أكثر، لكن الخلاف مهما استشرى فله حدود قانونية وأخلاقية، وقبلهما له حدود اسمها هيبة الدولة، التي يجب أن تصان من كل أشكال التشويه والإساءة والتقليل أو الهدر للهبة والكرامة وعدم احترام القانون.


في كل الأحاديث التي شاركت فيها حول حادثة الشجار بين وزير الزراعة ورئيس اتحاد المزارعين، لم أقترب من القصة المنقولة ولا من تفاصيلها، فهي لا تهمني على هذا الصعيد، لأن الخلافات تحدث بين الناس على مدار الساعة، وبعضها يصل حد القتل والكوارث التي نعرف، لكن القصة الأهم التي كنت أتحدث عنها متعلقة بهيبة الدولة ومؤسساتها ومكاتبها وموظفيها، لأننا نعلم تمام العلم بأن وعي الأردنيين والتزامهم الأخلاقي ثم القانوني، هي الضمانات التي كفلت لهذه البلاد سلمها الأهلي اولا واستقرار مجتمعها، وهي لا غيرها التي نعتبرها رصيدنا في حماية أنفسنا وبلادنا، وقد عاشت البلاد أزمات كثيرة على امتداد عمر الدولة، ومرت بتحديات اجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية وتجاوزتها بكل سلام، بسبب أخلاق الناس ووعيهم والتزامهم بالقانون وخوفهم على بلدهم، ولعل السنوات الأخيرة أكبر شاهد على سمو هذا الوعي وأهمية هذه الأخلاق..


لا نتحدث عن الأشخاص هنا ولا عن خلافاتهم؛ لكننا نتحدث عن موقف نوعي، لم يحدث كثيرا في مؤسساتنا، ومهما كان نوع الحوادث المشابهة له والتي مرت في تاريخ مؤسساتنا، فهي جميعا ليست بحساسية موقف أمس في وزارة الزراعة، ولا أعلم لماذا يحدث هذا مع حكومة الدكتور هاني الملقي، التي تنأى بنفسها عن كل أنواع الجدل والمهاترات والمغامرات، وتتعامل بسلاسة وشفافية مع المجتمع والمؤسسات والمسؤولين والمعارضين والغاضبين ..الخ، وقد سبق وأن كتبت هنا عن أخطاء الوزراء، وذكرت موقف رئيس الحكومة من أي وزير يخطىء أو يتعارض أداؤه مع روح الفريق، ولا أحتاج أن أكرر الكتابة عن هذه الفكرة هنا، لأنني متأكد بأن رئيس الحكومة لن يقبل بغير حلول كاملة لمثل هذه المشاكل التي تحدث في حكومته، ويكون أطرافها وزراء او مسؤولين في صف القيادة..اصبروا شويه بس.


الإدارة للشأن العام، هي التي تتعرض للارهاق، ولا يمكنني أن أقترح شيئا هنا، لأنني كأي أردني يتحدث بمسؤولية عن بلده.. حديث يلتزم تماما باستقرار هيبة هذه الدولة وهيبة حكوماتها، ويحرص على أن ترسوا الأعراف الأخلاقية والقانونية في ذهنية المواطن والمسؤول وفي ممارساتنا اليومية، فنحن نشكل مجتمعا ودولة محترمة، ولن نسمح لأحد بأن يقلل من هذا الاحترام أو يبدد سلمنا الأهلي نتيجة خلافات منفلتة تحدث في مواقع كان وما زال المنطق يقول بأنها أبعد ما تكون عن مثل هذه التصرفات.


كلنا نتنازل عن حقوقنا من أجل أمن وهيبة واستقرار ومستقبل بلدنا، لا سيما حين نكون في موقع الخدمة العامة، فنحن المكلفون بصون كرامة الناس والبلاد بغض النظر عن موقعنا من المسؤولية، وهذا ما يجب أن يثبته أطراف الموقف المذكور، فالبلد أهم منهم جميعا، وهيبتها فوق كل هيبة، وحدث كهذا يجب أن لا يمر بالطبطبة، وأعتقد جازما بأن الطرفين يدركان أهمية ما أقول، ويعلمان بأنهما لن يقبل منهما اعتذار كلاسيكي، ويكون جميلا لو قاما بمغادرة مواقعهما بلا صخب، بل وتقديم الاعتذار لنا وللأردن جميعه، ولا اعتذار هنا سوى الانسحاب من المشهد وإغلاقه نهائيا.


يوجد بدائل معروفة لحفظ هيبة الدولة، لكن أفضلها ما ينبع من أخلاقنا ووعينا واحترامنا لاستقرار بلدنا بعدم فتح أبواب الفوضى والاجتهادات اللامنطقية في مكاتب مؤسساتنا مهما كانت أهميتها وأدوارها..


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة